اخبار محلية

مصير السنة الدراسيّة والحلّ الجريء

المصدر: mtv

تعرقل الأزمات المعيشية والتجاذبات “التاريخية” و”المستجدّة” في القطاع التربوي انطلاقة وانتظام العام الدراسي، وتستنزف فكر وجهود القيّمين على هذا القطاع في إيجاد “الحلول الآنيّة” و”القصيرة المدى”، في وقتٍ تتظهّر أكثر فأكثر الحاجة إلى إستراتيجية تربوية “غير تقليدية” تعيد إلى لبنان مكانته التربويّة العربيّة والعالميّة وتجيز للتلميذ اللبناني أن يستعيد ما خسره، نتيجة عدم تطوير المناهج التربوية من جهة، وتوقف وعدم إنتظام الأعوام التربوية، لا سيما العامين التربويين الأخيرين، من جهة ثانية.

ويظهر جليّاً الصراع الحاصل بين الفكر “التقليدي” والفكر “التطويري” بين المعنيّين بالشأن التربوي، من مسؤولين وأكاديميين وتربويين وأصحاب اختصاص.

ينادي أصحاب الفكر “التقليدي” بالتعليم الحضوري المعروف، مستندين إلى تجربة التعليم عن بعد في السنتين الأخيرتين. هي، برأيهم، تجربة غير ناجحة يجب عدم التعويل عليها وعدم البناء عليها، لا من ناحية نوعية وجودة التعليم ولا من ناحية تأثير هكذا نوع من التعليم على الصحة النفسية للتلميذ، لا سيما لناحية أهمية حضوره في الصف وتفاعله مع رفاقه ومعلميه. أمّا الحل فهو بالدعم المالي للمدارس وللمعلمين ليعودوا إلى صفوفهم فينتظم التعليم.

أمّا أصحاب الفكر “التطويري” فيرون أن تجربة السنتين الماضيتين في التعليم عن بعد لا تعكس حقيقته. هي تجربة مورست بشكل فجائي لم يسمح لا بتحضير المعلمين ولا التلامذة ولا بتأمين البنى التحتية اللازمة. وبالنسبة إليهم، على المعنيين أخذ العبر من تجربة السنتين الماضيتين للغوص والتعمق والتعرف أكثر على “عالم التعليم عن بعد” وصولاً إلى اعتماده في النظام التربوي اللبناني. 

فلو اعتمدت مراكز القرار التربوي التجربة التي أعدها المركز التربوي للبحوث والإنماء، أي “المدرسة الإفتراضية”، لكنّا اليوم في مكان أخر واهتمامٍ آخر. والحل هو في نظام التعليم عن بعد المدمج وغير المتزامن في بعض الأحيان، الذي يتم اعتماده حاليّاً من قبل عدد من المدارس في لبنان، فتمكّنت من الإنطلاق بالعام الدراسي الحالي، رغم مختلف العوائق. 

يقوم هذا النظام على حضور التلميذ إلى المدرسة في عدد محدد من أيام الأسبوع وعلى التعليم عن بعد في الأيام الأخرى. ويرتكز، وهذا هو الأهم، على اعتماد منصات تخصصية للتعليم الإلكتروني ومحتوى إلكتروني تفاعلي مع نظام إدارة تعلم يقوم بالمتابعة المباشرة وحتى الفردية لكل تلميذ، كما ويتيح إمكانية التصحيح الأوتوماتيكي الفوري للمسابقة.

بالنسبة إليهم، هو نظام تفاعل ونموذج ديناميكي يزداد أو يقلص فيه الحضور أو التعليم عن بعد وفق الحاجة والظروف، من دون التأثير على نوعية التعليم. ويشكل نموذج تعليم عصري يطوّر المناهج التربوية المعتمدة لتحاكي العصر ومتطلباته، وينقل التلميذ من مرحلة تلقّي المعلومة إلى مرحلة البحث عنها، ويتيح العمل على سدّ الفروقات بين التلاميذ في الصف الواحد من خلال معالجة نقاط ضعف كل تلميذ على حدى. 

نحتاج، تربويّاً اليوم، إلى قرار ورؤية تربوية عصرية وشاملة تنهي هذا التخبط في مستنقع التردد والعشوائية، وليس فقط إلى حلّ أزمة المحروقات والدرجات الست. على أمل أن يقدِم أصحاب القرار فينتفع التلامذة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى