اقتصاد

سعر خيالي للكيلواط.. و”إذا ما عاجبك فك الإشتراك”

سعر خيالي للكيلواط.. و”إذا ما عاجبك فك الإشتراك”

“سعّرت وزارة الطاقة والمياه ما أسمته بالتعرفات العادلة للمولدات الكهربائية الخاصة

عن شـهر نيسان وهو 10.457 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة”.

على ما يبدو لم يعجب سعر الكيلواط الرسمي أصحاب المولّدات الخاصة فسعّروه وفق ما يمليه عليه طمعهم،

فوصلت التسعيرة في بعض مناطق بيروت وضواحيها إلى 15 ألف ليرة قابلة للزيادة،

وفق ما يمهّد أصحاب المولدات لزبائنهم عند نهاية أو مطلع كلّ شهر.

إلى ذلك، يتلاعب هؤلاء برسم الإشتراك الشهري الثابت على مستوى زيادة تسعيرته بالليرة اللبنانية من جهة،

أو تسعيره بالدولار الأميركي وفق سعر الصرف اليومي من جهة أخرى.

وكلّنا يعلم القرار الشهير الذي صدر عن وزير الإقتصاد والتجارة رائد خوري عام 2017،

والذي طلب بموجبه من أصحاب المولّدات تركيب عدادات لمشتركيهم،

على أن يتحمّلوا هم كلفتها، إلا أنّ هذا الإجراء لم يكن ملزما حينها حيث ترك الوزير الخيار للمشتركين

إمّا العدّاد أو المقطوعة، فيما يصرّ الوزير الحالي أمين سلام على تطبيق القرار وإلّا العقوبات بالمرصاد للمخالفين.

مع الإشارة، إلى أنّه حتى اليوم لم يطبّق القرار على كلّ سكان لبنان،

كما يتهرّب أصحاب المولّدات من تركيب العدّادات على نفقتهم.

القرار حينها جوبه برفض واسع من قبل أصحاب المولّدات الخاصة،

بذريعة ارتفاع سعر صفيحة المازوت وسعر صرف الدولار وعدم قدرتهم على تغطية التكاليف التشغيلية وسواها،

مطالبين بما أسموه” التسعيرة العادلة”.

ولكن لأنّ التسعيرة التي تحقق عدلهم المزعوم لم تتوفّر،

ولأنّ العدّادات -في الأصل- لا تؤمن لهم أرباحا طائلة عهدوها سنوات طوال عبر المقطوعة الشهرية،

عمدوا اليوم الى التفلّت من تسعيرة وزارة الطاقة، والتحايل عبر وضع تعرفة جديدة تناسب شجعهم،

والتي بلغت في بعض مناطق بيروت وضاحيتها بحدود 15 ألف ليرة للكيلواط ساعة.

إجراء لا يرفع فاتورة عدّادات المشتركين فحسب، بل سيحرمهم من الإستفادة من الكهرباء في تيسير أمورهم،

إذ سيتوقفون عن تشغيل أجهزة كهربائية كثيرة في بيوتهم خوفا من الفاتورة الباهظة نهاية الشهر،

ليصبح إشتراكهم عبارة عن ضوء ومروحة وأحيانا تشغيل ” البرّاد، و ” موتير المياه” لساعة أو ساعتين فقط خلال اليوم.

أمّا من يشترك مقطوعة شهرية، فإنّه سينال هو الآخر نصيبا وافرا من الفاتورة المرتفعة،

إذ حتّى لو بقي مصروفه من الكهرباء على حاله فإنّه سيدفع المزيد من المال عند رفع تعرفة الكيلواوط شهريا.

حلّ آخر حاول من خلاله الناس الهروب من جحيم فاتورة الإشتراك الشهري وهو تركيب طاقة شمسيّة،

إلّا أنّه حلّ مكلّف يصلح للمقتدرين فحسب أو لمن يستطيع تقسيط قرض الطاقة.

تركيب طاقة شمسيّة خيار أرخى بثقله هو الآخر على أصحاب المولّدات بخسارة بعض زبائنهم،

فعمدوا إلى زيادة سعر الكيلوواط وسواها من الإجراءات كفرض “الفريش دولار”

أو ما يوازيه وفق سعر الصرف اليومي إن كان على مستوى الرسم الثابت أو الفاتورة برمّتها،

وذلك تعويضا عن خسارة يدّعون حصولها.

أمّا عن كهرباء الدولة فحدّث ولا حرج، فعلى الرغم من التقنين القاسي

الذي يتجاوز 22 ساعة يوميا في معظم مناطق لبنان، انقطعت الكهرباء أواخر نيسان المنصرم

بشكل تام على مدى 5 أيام والسبب نفاد الوقود، إلّا أنّها عادت بشكل تدريجي إلى العاصمة تلتها إلى باقي مناطق البلاد.

وسط ندرة حضور كهرباء الدولة وفاتورة الإشتراك الباهظة، ماذا قال المواطنون لـ”الديار” عن معاناتهم؟

400 ألف دفعة واحدة

سامية (مشتركة مقطوعة شهرية 2.5 أمبير)- الغبيري- مشكلتها أنّ فاتورتها تزيد

كلّ شهر رغم أنّ مصروفها هو نفسه بحكم نظام المقطوعة الشهرية،

فقد قفزت فاتورتها منذ شهرين نحو 400 ألف ليرة دفعة واحدة لتصبح مليون ليرة،

مقسمة الى 8 دولار رسم ثابت وفق سعر الصرف اليومي

والباقي وفق تسعيرة البلدية، وقد حاولت سامية سابقا إلغاء الإشتراك إلّا أنّ الحياة أصبحت لا تطاق على حدّ وصفها.

طاقة شمسيّة وإشتراك

أمّا أبو محمد صاحب “ميني ماركت” في إحدى أحياء بئر حسن الشعبية فقد تحدّث

عن المرحلة السابقة التي بدأ فيها تقنين كهرباء الدولة لنحو ساعتين يوميا

بالتزامن مع توقف المولّدات عن العمل جرّاء احتكار المازوت وارتفاع سعره،

ما حمّله خسارة مالية بلغت نحو 7 ملايين ليرة نتيجة تلف المواد الغذائية

التي تحتاج إلى التبريد من لحوم وأجبان وألبان وخضار وسواها.

أبو محمد يشكو من فاتورة الإشتراك الشهري المرتفعة والتي تبدأ من 6 ملايين ليرة شهريا،

وأيضا من تقنين الكهرباء الخاصة لساعات طويلة ما أرغمه على الإستغناء

عن مواد غذائية كثيرة بحاجة للتبريد وبالتالي خسارة زبائنها. أمّا عن الطاقة الشمسية

التي ركّبها ومدى تلبيتها لاحتياجاته في العمل، قال:”الطاقة الشمسية كلّفتنا ما يقارب

3 ألاف دولار للإضاءة بالليل وتشغيل المرواح فقط، وبعدني مشترك من المولّد”.

لا بديل عن الإشتراك

فاطمة( مشتركة عدّاد) من سكان منطقة الإوزاعي تحدثت عن التقنين القاسي لكهرباء الدولة

والذي يقتصر على ساعتين خلال اليوم، ولكن غير متتاليتين ممّا يعيق أيّ إستفادة من هذه الكهرباء إنّ كان على مستوى تعبئة مياه الخدمة أو انجاز الأعمال المنزلية أوتشغيل

“البرّاد” وسواها.

وبالنسبة للإشتراك لفتت إلى أنّ صاحب الإشتراك لا يعطيهم فاتورة تهرّبا من المساءلة من البلدية كما عبّرت، وذكرت أنّ سعر الكيلواط تدرّج من 6 إلى 7 آلاف ليرة، ومن ثم قفز إلى 12 ألف ليرة، واليوم “تمّ إبلاغنا أنّه سيصبح 15 ألف ليرة في شهر أيّار الحالي”.

فاطمة ككثيرين، فكّرت بإيقاف الإشتراك الشهري، ولكن المشكلة أنّ لا بديل لديها إذ ليس لديها القدرة على تركيب طاقة شمسية، مضيفة أنّه إذا اعترضنا على صاحب الإشتراك سيقطع الكهرباء وإذا قررنا الإشتراك من غيره فإنّه لا يسمح لنا، وختمت أنّها مضطرة للإشتراك فهناك حاجة ماسة إلى الكهرباء لا سيّما لمن لديه عمل على مستوى تشريج “اللابتوب”و الهاتف إضافة إلى أننا على أبواب الصيف.

هاجس الزيادة

أم علي (مشتركة عدّاد)- الإوزاعي- تعاني من وضع معيشي صعب، ورغم ذلك فهي مضطرة لإبقاء إشتراك الكهرباء رغم الفاتورة المرتفعة نهاية كلّ شهر، فالحياة من دون كهرباء مستحيلة-على ما تقول-، أصبحت اليوم تعيش قلقا مستمرا خصوصا مع اقتراب نهاية الشهر خوفا من أن يفاجأها صاحب المولّد بتسعيرة جديدة للكيلواط، كما حصل معها نهاية شهر نيسان حيث رفع صاحب المولد التسعيرة إلى 15 ألف ليرة.

أم علي تشترك عبر العدّاد وتحاول تقليص فاتورتها إلى الحد الأدنى عبر الإقتصار على الإضاءة والتلفاز وبحالات قليلة تعمد الى تشغيل ” البرّاد”، و “موتير المياه”.

مش معاجبك فك الإشتراك

حسين( مشترك عدّاد مع منزل أبويه- 5 أمبير)، موظف راتبه مليونين ونصف ليرة، أخبرنا أنّ فاتورته بلغت مليون و800 ألف ليرة ، بدوام إشتراك من الساعة 7 أو 8 صباحا حتى 1 أو 2 ظهرا ومن 5 أو 6 مساء إلى 12 أو 1 ليلا.

حسين فكرّ كثيرا كما قال بإلغاء الإشتراك، لكنّ والده طلب منه إبقاءه فالصيف قريب وعادة ما يكون قاسيا، وتابع كان بداية الحلّ الأولّي للتخفيف عن كاهلي أن أشترك مع أهلي، كما أنّنا نداور تشغيل الأجهزة الكهربائية والإضاءة كي نستطيع توفير مصروف كهرباء، أمّا عن موضوع الطاقة الشمسية ” فهي تكلف نحو 3000 دولار لا أملك منهم حتّى 200 دولار” ، وأردف:” سعر الكيلوواط 12 ألف ليرة وقد حاول والدي الإعتراض فكان جواب صاحب الإشتراك:”مش معاجبك فك الإشتراك””.

لا حاجة لي بكهرباء الدولة

حسام (موظف يقبض راتبه باللبناني) يسكن في منطقة الكفاءات، قرّر إيقاف الإشتراك مع بدايات الأزمة حين بلغت فاتورته 700 ألف ليرة، وبقي من دون كهرباء لما يقارب السنة، إلى أن استطاع تركيب طاقة شمسيّة كلّفته بحدود 2500 دولار أميركي (10 أمبير)، وحول كيفية تأمينه هذا المبلغ الضخم نسبة إلى راتبه المتواضع، قال:” إضطررنا لبيع مصوغات زوجتي”، لكن اللافت في كلام حسام أنّه قرّر إلغاء كهرباء الدولة كلّيا، والسبب هو تخوّفه من رفع تعرفة إشتراك كهرباء الدولة ما سيضفي عليه عبئا ماديا من دون فائدة تذكر فالكهرباء ستبقى سيئة على حالها.

خلاصة القول… هذا هو حال المواطن اللبنانيّ، يعيش في صراع مرير على مختلف الجبهات، ولا يكاد يكفيه عجزه عن تأمين الغذاء والدواء حتى يأتي أصحاب المولّدات فيتحكّمون به فإمّا أن يدفع ما يمكن تسميته بـ”الخوّات” أو تمنع عنه الكهرباء، ويبقى السؤال: من يحميه من هذه “المافيات”؟

المصدر: الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى