اخبار محلية

لماذا هذه الإنتخابات هي “مصيرية” ومفصلية” وتاريخية”؟

لا يتذكرّ اللبنانيون المخضرمون الذين شاركوا في أكثر من دورة إنتخابية بعد إتفاق الطائف أن أيا من هذه الدورات قد شهدت ما تشهده إنتخابات هذه السنة، وهي الأولى بعد المئوية الأولى لقيام لبنان الكبير ولم يسبق أن حظيت بهذا الحجم من الإهتمام والمتابعة من قبل الجميع، ولم يسبق أن أطلق على أي عملية إنتخابية سابقة من مواصفات كهذه الإنتخابات وأهمها على الإطلاق ما تجمع عليه  جميع الأطراف عندما تتحدّث عنها بأنها “مصيرية” ومفصلية” وفرصة قد لا تتكرر لـ”التغيير”. 

وثمة أسباب كثيرة تجعل من هذه الإنتخابات “مصيرية” و”مفصلية” ومهمّة، نكتفي ببعضها، وهي: 

أولًا

تأتي هذه الإنتخابات بعد عامين ونصف العام تقريبًا على إنتفاضة 17 تشرين،

حيث يحاول من لم يستطع تحقيق تغييرات جذرية على الأرض لأسباب كثيرة،

ومن بينها عدم توحيد الرؤية الجماعية من جهة، ومحاولة أهل السلطة نخر هذه الإنتفاضة من الداخل من جهة ثانية،

وذلك من أجل التعويض عن طريق الديمقراطية بالوصول إلى الندوة البرلمانية بوجوه تغييرية وازنة.

وهي أول محطة إختبار لمدى تجاوب شريحة واسعة من اللبنانيين، الذين يجمعون على أن أهل السياسة التقليدية هم الذين أوصلوهم إلى الحضيض.

لكن هذه القوى، التي دخلت إلى هذا الإستحقاق – الإختبار مشرذمة ومفككة لن تستطيع أن تحقق النتائج التي كانت تتمناها. 

ثانيًا

لا شك في أن هذه الإنتخابات هي سياسية بامتياز، خصوصًا أنها جميع الأطراف أتخذت عناوين سياسية لحملاتها الإنتخابية،

إلى درجة أنها وصلت إلى أقصى درجات التعبئة السياسية تحت شعارات كبرى بين فريقين رئيسيين،

وهما “حزب الله” معه حركة “أمل” أو ما يُعرف بـ”الثنائي الشيعي” وحلفاؤهما من جهة،

وبين “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الإشتراكي” وحلفاؤهما من جهة أخرى،

على أساس أنها معركة إثبات وجود ومعركة تحديد هوية لبنان المستقبلية وصراع بين مشروعين سياسيين،

وهي أيضًا معركة أحجام عشية الإنتخابات الرئاسية. 

ثالثًا

لهذه الإنتخابات طابع الخطورة لأنها تجري في غياب تيار سياسي وازن على الساحة السنّية،

خصوصًا أن قرار الرئيس سعد الحريري بتعليق عمله السياسي وعدم مشاركة تيار “المستقبل” بالإنتخابات ترشيحًا

وضع الطائفة السنيّة في حال من الضياع والتبعثر على رغم دعوات مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والقيادات السنّية المسؤولة والواعية إلى المشاركة في هذا الإستحقاق.  

رابعًا

المجلس النيابي الجديد هو من سينتخب رئيسًا جديدًا للجمهورية خلفًا للرئيس ميشال عون.

وهذا ما يضفي على هذه الإنتخابات أهمية فائضة لأنها سيكون لها تأثير مباشر في تحديد مواصفات الرئيس المقبل ومسار معركة الرئاسة،

تبعا لما سيكون عليه ميزان القوى السياسي من جهة، وما سترسو عليه خارطة القوى المسيحية من جهة ثانية،

على رغم إقتناع الجميع بأن ملامح أي رئيس للبنان تحدّده المصالح الإقليمية والدولية المشتركة. 

خامسًا

هذه الإنتخابات “المفصلية” و”المصيرية” و”التاريخية” ستحدّد معالم المرحلة السياسية لأربع سنوات آتية،

وأن مسؤولية مرحلة التعافي ستكون مشتركة بين المجلس النيابي الجديد وبين الحكومة الإنتقالية

أو الحكومة الأولى في العهد الرئاسي الجديد، بعدما وضعت حكومة الرئيس ميقاتي قطار الحل على سكته الصحيحة. 

في المقابل هناك من يقول أن

هذه المعركة هي معركة “غبار رماد” يحاول كثيرون ذرّها في العيون، مع العلم أن المعركة الحقيقية هي فقط على 13 مقعدًا في مختلف الدوائر،

وهذه المقاعد ستتوزع بين القوى السياسية والمجتمع المدني، وبالتالي فإن صفة “المصيرية” والمفصلية” و”التاريخية” ستسقط فور إعلان النتائج، في حال إنعدام عنصر المفاجآت. 

يبقى أن أولوية الأولويات بعد إنقشاع غبار المعركة الإنتخابية هي البحث عن تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن

تلافيًا لأي فراغ على مستوى السلطة التنفيذية. وهذا ما سيكون عليه موضوع المقال اليومي في هذه الزاوية.  

المصدر: خاص “لبنان 24”

للمزيد من الاخبار اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى