اخبار محلية

الباسبورات: “نهاية سعيدة” لفضيحة مدوّية

تعود منصّة مواعيد جوازات السفر إلى العمل بدءاً من الإثنين المقبل. لكنّ اللبنانيين الذين يرغبون بالتسجيل للحصول على موعدٍ لتقديم طلب حيازة الباسبور لن يكون بالإمكان تحديد موعد لهم قبل نيسان 2023، أي بعد 10 أشهر.

قرار تفعيل المنصّة التي توقّف العمل بها بقرار من المدير العامّ للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في 27 نيسان الماضي

أتى بعد تجاوز جميع الإجراءات الإدارية وتخطّي “بلادة” الحكومة وقيام وزارة المال أخيراً بتحويل المبلغ المالي

المطلوب إلى الشركة الفرنسية المُصنِّعة للجوازات… ناقصاً مليون دولار.

هي نهاية سعيدة لـ “فضيحة” مدوّية بدأت مؤشّراتها مع الضغط الكبير الذي مارسه اللواء إبراهيم منذ تموز 2021

لتوفير مستلزمات “تحرير” عملية تحويل المبلغ المالي المطلوب للشركة الفرنسية والتحذير من نفاد المخزون. لكنّ

الحكومة أدخلت اللبنانيين في دوّامة انتظار جواز سفر “فُقد أثره” على مدى أشهر في دهاليز الحكومة ومصرف لبنان

ووزارة المال.

يوم الخميس تبلّغ الأمن العام تسلُّم الشركة الأجنبية الحوالة الماليّة، ما دفع المديرية العامة إلى إعلان إعادة تفعيل

المنصّة. لكنّ ذلك لم يكن بالأمر السهل.

الغسيل الوسخ

ما حصل في الأيام الماضية يُظهر بوضوح أنّ “غسيل لبنان الوسخ” منشور في عواصم العالم و”صيته بالأرض” والثقة

الدولية بمؤسّساته لامست الحضيض ويتمّ التصرّف معه وكأنّه دولة مارقة. حتى أن لا ثقة بأموال يحوّلها المصرف

المركزي في لبنان إلى هذه الدول أو المصارف العاملة فيها.

بعد مسار من الأخذ والردّ و”تراقص” قيمة العقد المطلوب سداده للشركة الفرنسية على منصّات السعر الرسمي

للدولار والسوق السوداء و”صيرفة”، ثمّ تحويل وزارة المال المبلغ المطلوب إلى البنك الذي تتعامل معه الشركة

الفرنسية المصنّعة للجوازات، طلبت الشركة المعنيّة اعتماداً معزّزاً، أي مرفقاً بضمانات، “لأنّ لبنان بلد مشكوك في

قدرته على السداد”، وحاكم مصرف لبنان ملاحَق بدعاوى في الداخل والخارج.

قام رياض سلامة بما يلزم من إجراءات لـ”تعزيز وضع” المبلغ المُرسَل، لكنّ المصرف الذي تتعامل معه الشركة طلب

المزيد من الإجراءات والاستفسارات التي تمّ تجاوزها الأسبوع الفائت.

كوتا ناقصة

وفق معلومات “أساس” ستصل أوّل دفعة من جوازات السفر خلال خمسة أشهر،

وتبلغ نحو 400 ألف باسبور . ترافق

ذلك مع توظيف اللواء إبراهيم علاقاته مع المسؤولين الألمان لتوفير الورق المطلوب وشحنه إلى فرنسا خلال وقت

قياسي، إذ يستغرق عادة الحصول على هذا الورق الخاص بالباسبورات ثمانية أشهر، لكنّ المدّة قُلّصت بعد تدخّل المدير

العام للأمن العام إلى ثلاثة أشهر. كما ظهرت مشكلة عالمية مرتبطة بتصنيع الـship  المرفقة بالباسبور بعد أزمة جائحة

كورونا.

تضيف المعطيات أنّ الكوتا الأصلية لعدد جوازات السفر كان يُفترض أن تكون مليون و100 ألف باسبور، وهي كافية

لعام واحد، لكنّها تقلّصت إلى مليون فقط بعدما انخفض المبلغ المرصود من 14 إلى 13 مليون دولار. فحين فُتح

الاعتماد لتحويل المبلغ كان سعر صيرفة قد ارتفع، فأدّى ذلك إلى انخفاض قيمة المبلغ المُحوَّل.


أساس الأزمة

أزمة جوازات السفر التي حُلّت،

مع تقنين مستمرّ في الاستحصال عليها، تُدرَّس في مادّة “كيف تعتقل شعباً؟” بعد إفقاره

ونهبه وذلّه و”حرقه” بفواتير الكهرباء والسوبرماركت والبنزين والطبابة والتعليم وداخل الصيدليات…

باختصار كلّيّ أخذت المديرية العامّة للأمن العام بصدرها قلّة مسؤولية وأخلاق السلطة السياسية التي وضعت

اللبنانيين، بإهمالها وتطنيشها، قيد الإقامة الجبرية بعدما أوصلتهم إلى شحذ جواز السفر… إن وُجد.

الأمن العام فعليّاً هو “بائع” لجوازات السفر لمصلحة ماليّة الدولة. وإذا “اختفت” البضاعة فلن يكون بإمكانه الاستمرار

بالبيع. وهذا ما حصل.

فالعقد مع الشركة الفرنسية أُنجز في تموز 2021، وتمّ بدايةً حجز مبلغ بقيمة 22 مليار ليرة بما يوازي 15 مليون دولار

تقريباً على سعر 1,500. وبعد أشهر من المماطلة حوّلت الحكومة المال، لكنّ حاكم مصرف لبنان رفض التحويل على

السعر الرسمي، طالباً التحويل على سعر منصّة صيرفة.

كُسِرت الحلقة المُفرغة بعد تدخّل اللواء إبراهيم طالباً من مجلس النواب إقرار اعتماد استثنائي بقيمة 300 مليار ليرة هو

الفارق بين سعر المنصّة والسعر الرسمي. ثمّ طلبت وزارة المال تعديلات في العقد تطول الضرائب وأموراً ماليّة وتقنيّة.

بقي المبلغ المفترض تحويله عالقاً في وزارة المال، فارتفع سعر صيرفة مجدّداً وتقلّص المبلغ المرصود، ثمّ طلبت

الشركة الفرنسية المزيد من الضمانات بتحويل مبلغ الـ13 مليون دولار للبدء بتنفيذ طباعة جوازات السفر.

تخلّلت هذه المراحل جولات من الذلّ عاشها آلاف اللبنانيين أمام مراكز الأمن العام فيما الدولة تتفرّج. وبسبب المماطلة

الزائدة لوّح إبراهيم بـ”خصخصة” الباسبورات عبر الإتيان بقطاع خاص أو الاستعانة بمتموّلين، ويتمّ اقتطاع نسبة مئوية

للمالية والباقي يعود للدولة.

قبل إقفال المنصّة في نيسان الماضي كان هناك 199,073 طلب حجز على المنصّة حتى شهر نيسان 2023، لكنّ عدم

وجود مخزون كافٍ بعد هذا التاريخ وتقديم طلبات بما يصل إلى 8 آلاف في النهار الواحد دفعا الأمن العام إلى إقفال

المنصّة. وسيتمّ الاستمرار في إصدار جوازات السفر بمعدّل ألف باسبور يوميّاً.

الأمن العام: الجوازات متوافرة

أمس أصدر الأمن العام أمس بياناً أكّد فيه إعادة العمل بالمنصّة اعتباراً من صباح يوم الإثنين في 13 حزيران، مشيراً إلى

أنّ “قرار وقف العمل بمنصة مواعيد الجوازات أتى حفاظاً على حقّ المواطن من جهة، واحتراماً لمبدأ الشفافية في عمل

الإدارة من ناحية أخرى، لجهة عدم إعطاء مواعيد جديدة لأشخاص لا تتوفّر لهم جوازات السفر عند استحقاق الموعد

المسجّل لهم على المنصّة”.

أضاف البيان أنّه “من أجل تأمين جوازات السفر، أنهت المديرية الإجراءات الإدارية والفنية اللازمة، واستكملت الملف مع

الإدارات الرسمية المعنية منذ شهر تموز من العام الماضي، وقامت بالمتابعة الحثيثة مع المعنيين في الدولة لتحويل

قيمة العقد إلى الشركة المتعاقدة، والموقَّع معها العقد منذ مطلع العام 2021. وقد تبلّغنا يوم أمس (الأوّل) في

9/6/2022 تسلّم الشركة الأجنبية الحوالة المالية المحوّلة إليها”.

وقال البيان إنّه “مع بدء سريان تنفيذ العقد لطباعة جوازات سفر جديدة، فإنّ هذه الجوازات ستكون مؤمّنة لمن يطلبها

لأنّها حقّ لهم وبناء على القوانين التي ترعى هذا الحقّ”، متمنّياً “على المواطنين الذين ليسوا بحاجة ملحّة إلى جواز سفر،

عدم التهافت على حجز مواعيد ليتسنّى لِمن هم بحاجة ماسّة الحصول على جواز السفر”.

المصدر:تاقناة 23

للمزيد من الأخبار اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى