اقتصاد

كلّها 100 دولار..!

حاول مؤهل أوّل في الدرك من فئة ما فوق الثقيل تجاوز الصف أمام الصرّاف الآلي، ملتقى المحبطين. حدّق فيّ. توسّم في وجهي الطيبة. وتوجه إليّ بفصيح العبارة وبلهجة الواثق: كلّها 100 دولار بدي اسحبها بعشر ثواني وإمشي. مرّقني لو سمحت. ما فاضي انطركم، وأنتم تحاولون عبثاً وضع ما تحملونه من مئات الألوف”رفضتُ أن أفسح له المجال. الدور دور يا وطن. ووافقتني الرأي صبية، مضيفة “النظام نظام رقيب”. وافق مكرهاً على الإنتظار موزّعاً النصح على من يحاولون عبثاً تعبئة حسابات صيرفة للإفادة بمبلغ يدعم ميزانية الأعياد المرهقة.

مائة دولار كم تكفيه؟

حبشة العيد بمائة دولار. الحبشة للمساء. بمَ يحلّي ضرسه وأضراس أحبابه بعد القضاء على آخر حبة قلوبات وآخر حبة رز. ماذا يتغدى غداة العيد. وإذا طارت المائة دولار قبل رأس السنة، كيف يستقبل المؤهل أوّل السنة الجديدة؟ ببطاطا مشوية على جمر الإيمان؟ مع صحن حمص مرت عليه الطحينة مرور الكرام؟ أو بمتابعة ميشال حايك على صحن فستق وكأس عرق باب تالت؟ الأرجح سيكون الشاويش سهراناً في الخدمة، في المخفر أو على الطريق، متفرجاً على نماذج بشرية تنتظر سهرة العمر، من سنة إلى سنة.

كلّها مائة دولار!

طنّت الجملة في رأسي طوال يوم أمس. لمتُ نفسي. جاءني الحس المدني في غير أوانه. كان المؤهل أول مستعجلاً جداً خشية من طارئ يطيّر راتبه الهزيل كريشة دجاجة شاهدة على جريمة واوٍ بالوادي. مائة دولار، ورغم التنزيلات على كل المشتريات والحجوزات والمشروبات والحلويات والـ “دندات” والحفلات لا تملأ خابية ولا تسندها.

الفنانون المصنّفون CLASSE A يمّموا شطر دبي، وحمل بعضهم حقائبه إلى القاهرة وعمان ومنهم من “تسلل” إلى سورية/ الأسد. من بقي في الديار اضطراراً أو اختياراً، سيكون متاحاً ليلة رأس السنة لضيوفنا العرب ولأهل البلد من غير المتسوّلين المصطفين أمام ماكنات الصرافة الآلية.

فيما كنت أفكر، بما يمكن أن يفعله مواطن براتب يوازي راتب مؤهّل أول. وقع نظري على إعلان لأمير الغناء العربي هاني شاكر. غداً يكمل السبعين ولا يزال كامل النضارة. سيحيي شاكر حفلتين واحدة في بلاد كسروان وواحدة في بلدة الرميلة. سألت عن الأسعار فأُفدت بأن السعر يبدأ من الـ 120 دولاراً إلى ما دون الثلاثمائة. يبدو أن الزمن جارَ على الأمير، وتهاودت أسعار حفلاته نسبة إلى من هم أصغر منه بأعوام كثيرة.

بمائة دولار ونيّف يمكنك سماع “عايش حياتي بس علشان أسعدك عشان انت تستاهل حقيقي كل خير…” براتب مؤهّل أوّل. وفي الواقع أنا حزين بما يكفي.

عماد موسى – نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى