اخبار محلية

مع ترقّب وصول محققين أوروبيين إلى لبنان… ماذا يقول المشترع اللبناني؟

بعد المعلومات عن وصول وفود أوروبية مطلع العام القادم إلى لبنان لإجراء تحقيقات قضائية في ملف حاكم مصرف لبنان، يتبادر إلى الذهن السؤال الحتمي ما هي حدود هذه الجهات القضائية الأجنبية وهل تتعارض مع القوانين اللبنانية وعلى ماذا تستند لإجراء تحقيقاتها مع مواطنين لبنانيين مقيمين على الأراضي اللبنانية؟

ويؤكد رئيس مؤسسة ” JUSTICIA ” المحامي الدكتور بول مرقص في حديث الى “ليبانون ديبايت” رغم إقرارنا بضرورة مكافحة الفساد وتفعيل التحقيقات القضائية عموماً، إلا أنه ثمّة أصول لإجراء التحقيقات القضائية، خصوصاً عندما يكون الأمر بين دولتين. إذ أنه ثمّة مرتكزات أساسية في القانون المحلي يجب إحترامها في مجال التعاون الدولي القضائي، ومنها المادة /20/ من قانون العقوبات اللبناني التي تنصّ على الصلاحية الشخصية أي صلاحية المحاكم اللبنانية بالأولوية على كل لبناني يرتكب جريمة في الخارج، ما لم تأتِ التحقيقات في إطار التعاون الدولي الذي تسمح به إتفاقيات موقّعة بين الدولتين. هذا ما يتوافق مع أحكام المادة /49/ من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003، والموقّعة من قبل لبنان عام 2009، التي تحثّ على توقيع إتفاقيات ثنائية مراعاةً لمبدأ السيادة المحليّة.

ويقول: بالتالي، لا يجوز لأي جهة خارجية أن تتجاوز السيادة القضائية المطلقة للمحاكم اللبنانية. في حال رغبت دولة أجنبية إجراء تحقيقات ضمن هذه السيادة يتوجب عليها طلب ذلك بموجب استنابة قضائية توجّه إلى القضاء اللبناني المختصّ الذي يعود له حصراً حق تنفيذها والاستجواب فيها بحضور قضاة من الدولة صاحبة الاستنابة. على سبيل المثال، سابقة رجل الأعمال كارلوس غصن الذي استمع القضاء الفرنسي إليه من خلال قاض لبناني تسلّم الأسئلة من الجانب الفرنسي وثمّ وجّهها إليه.

ويشير إلى أنه يجوز للمحققين الأوروبيين التحقيق في دول الاتحاد الأوروبي حصراً وفقًا لأحكام التوجيه الصادر عن البرلمان الأوروبي عام 2014 في ما يخصّ “التحقيق الأوروبي في المسائل الجنائية”، ما يعني أن أي تحقيق خارج حدود الإتحاد الأوروبي يستتبع إتخاذ الإجراءات السابق ذكرها وفقاً للمبادئ الدولية واحتراماً للسيادة الوطنية للدول.

ويلفت الى إن الدستور اللبناني يرعى في مقدمته مبدأ سيادة الدولة اللبنانية “Principe de souverainte de l’etat” بحيث لا تخضع الدولة لأي كيان آخر ولا تخضع إلا لإرادتها وتمارس سلطتها على مواطنيها وضمن اقليمها. بالتالي، فإن السماح للجهات القضائية الأوروبية بهذا المستوى من الخرق للسيادة اللبنانية سيشكل سابقة من شأنها فتح الأبواب أمام أي دولة في العالم تفترض أنها تمسك بقضية على مواطن لبناني، ما يعتبر أيضاً مُخالفةً لأبسط قواعد البروتوكول بين الدول ومسّاً جوهرياً بسيادة القانون اللبناني على الأراضي اللبنانية.

لذلك، يتحدث عن ثمّة إشكاليّات عديدة مطروحة أمام الوفد القضائي الأوروبي ومنها الأصول التي يجب أن تراعى عبر النيابة العامة اللبنانية ومن ذلك الأسئلة المتعلّقة بمكان إجراء الإستجواب ومن سيحضره وماذا سيلي الإستجواب من تدابير قضائية، وما إذا كان التوقيف ممكناً في حال أريد توقيف المشتبه به وأين سيتمّ التوقيف؟

ويلاحظ أنها إشكاليّات لا يمكن حلّها إلاّ بالتعاون القضائي حسب الأصول وليس بمجرّد إبلاغ النيابة العامة في لبنان بمجيء الوفد الأوروبي من أجل حلّ هذه المسائل الشائكة.

المصدر: ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى