اخبار محلية

هل يُقدم بري على هذا الأمر لضمان فوز فرنجية؟

لم يفاجئ قرار رئيس مجلس النواب نبيه بري تبنّي ترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية الأوساط السياسية، وبالأخص المعارضة منها. ولو لم يتبنّ هذا الترشيح لكانت المفاجأة أكثر وقعًا واستهجانًا. ما فعله “الاستاذ” يعني في “التقريش” السياسي أنه لن يدعو إلى أي جلسة انتخابية مقبلة إن لم يكن متأكدًا من أن فوز مرشحه مضمون، حتى ولو اضطر للاستعانة بأحد النواب المشرعين ليستنبط له فتوى دستورية لنصاب الدورة الثانية من جلسات الانتخاب، بعدما أصبح “شبح” نصاب الثلثين يلاحق الجميع، أو إذا أجيز لنا استخدام تعبير انقلاب السحر على الساحر، خصوصًا بعد تراجع رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع عن موقفه السابق القاضي بتأمين نصاب الثلثين “حتى ولو فاز خصمنا”، وذلك احترامًا لأصول “اللعبة الديمقراطية”. إلاّ أن الموقف الذي اتخذه رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل في المؤتمر العام للحزب، إضافة إلى جدّية الرئيس بري في الذهاب في ترشيح فرنجية إلى الآخر، حتّما هذا “التراجع التكتيكي” لجعجع. 

فنصاب الثلثين للدورة الثانية لأي جلسة انتخابية أصبح سيفًا ذي حدّين، خصوصًا أن أي فريق من أفرقاء “اللعبة السياسية” قد أصبح في مقدوره أن يعطّل هذا النصاب بما يُسمّى بورقة الثلث المعطِّل. وهذا يعني أن البلاد ستبقى إلى وقت لا علم لأحد به قابعة في أحضان الفراغ، الذي يلاقي وصفه بأنه قاتل اجماعًا من قِبل الجميع، على تعدّد تناقضاتهم.  

إذًا لا رئيس في المدى المنظور في انتظار قرار خارجي ما تمامًا كما كان يحصل في أي انتخابات رئاسية سابقة، حيث لم يكن للبنانيين قرار أو خيار في هذا الاستحقاق، وبالأخصّ في خلال حقبة “الوصاية السورية”، التي يبدو أن بعض مفاعيلها قد عادت لتظهر من جديد. 

فسليمان فرنجية لم يخفِ ولا مرّة انتماءه إلى خط “الممانعة”، وهو انتماء واضح وصريح وعلني. قالها ألف مرّة إن له حيثية وطنية لن يتراجع عنها، وهي وليدة قناعة راسخة لديه. أسسها العلاقة المتينة والوطيدة مع سوريا – الأسد، ودعمه المطلق للمقاومة، من دون أن يعني ذلك أن الرجل مسّلم أمره بالكامل لما يربطه من علاقات مع سوريا والمقاومة، إذ لا يمكنه أن ينسى أنه ينتمي إلى بيئة تفتخر بقداسة البطريرك اسطفان الدويهي، وتتغنّى ببطولات يوسف بك كرم. وهذا يعني أن له قراره الخاص في كل أمر له علاقة بسيادة لبنان واستقلاله وحريته. ولأن لديه هذه الصفات فإن الأقربين والأبعدين يكّنون له كل احترام وتقدير، حتى ولو اختلف البعض معه في المقاربات السياسية التفصيلية. 

وقبل أن يرفع البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي “العشرة”، ويعلن أنه “جاهد الجهاد الحسن”، وبعد أن يقطع الأمل نهائيًا من إمكانية خلط ماء المسيحيين وزيتهم في وعاء واحد، فإن أي مبادرة رئاسية أخرى ستبقى موضوعة على رفّ الانتظار، إلى أن يحين وقت الجدّ، وإلى أن يصل الوضع الاقتصادي المتدهور أساسًا إلى حال من الفوضى، التي تستباح فيها كل المحظورات. 

ولأن لا ارادة جامعة لدى اللبنانيين تسمح لهم بأن ينظّموا ثورة فعلية لا صورية فإن من بين أساسات بعض المراهنات الخارجية والداخلية هي إيصال اللبنانيين إلى أقصى درجات اليأس والاستسلام، بحيث يصبح قبولهم بأي شيء يُعرض عليهم، وإن كان من خارج سلّم قناعاتهم، من باب التسليم بالأمر الواقع، الذي لا مفرّ منه. مع ما يعنيه هذا الأمر من بقاء لبنان في دوامة صراعاته الداخلية على وقع التوقيت الخارجي. وهذا ما يشجّع كثيرين على الذهاب إلى خيارات أخرى غير وحدوية. 

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى