اخبار محلية

“استُدرِجوا” إلى “المنازلة”.. ماذا لو لم يصوّت “التغييريون” لأزعور؟!

رغم مرور أيام على انتهاء “المنازلة” التي سقطت كلّ “الرهانات” عليها لفرض “أمر واقع” رئاسي، إلا أنّها لا تزال تخضع للكثير من التحليل والتمحيص في أوساط هذا الفريق وذاك، في ظلّ “تكهّنات” لا تنتهي عن الأسباب التي جعلت تقدّم “مرشح التقاطع” وزير المال الأسبق جهاد أزعور على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية يبدو هزيلاً، خلافًا لكلّ التقديرات التي كانت تمنحه “تفوّقًا واضحًا”، تخطّى في قاموس البعض الأكثرية المطلقة.

لهذه الأسباب، فإنّ “تردّدات” جلسة 14 حزيران لم تنتهِ فصولاً بعد، وقد لا تنتهي في القريب العاجل، مع فتح “التيار الوطني الحر”، على سبيل المثال لا الحصر، “تحقيقًا” بالنتائج ليُبنى على الشيء مقتضاه، عطفًا على “تهديده” بالنظام الداخلي بحقّ “المتمردين” عشية الجلسة، وسط معلومات عن “تصدّع حقيقي” في صفوفه، جعل رئيسه الوزير السابق جبران باسيل غير قادر على “المَوْنة” على أكثر من 11 نائبًا من أصل 17 يتألف منهم التكتل.

لكن، يبدو أنّ النقاش غير محصور بـ”التيار”، فلنواب ما يسمّى بـ”التغيير” حصّتهم أيضًا، في ضوء الحقيقة “الصادمة” التي بيّنت أن النواب الذين صوّتوا لأزعور من دون أن يكونوا مقتنعين به، بل الذين “تجرّعوا سمّه” وفق التوصيف المثير للجدل الذي أطلقه النائب إبراهيم منيمنة، كانوا هم، إن صدقوا، سبب “تقدّم” الرجل، الذي لم يتخطّ الفرق بينه وبين منافسه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، 8 أصوات، فهل “استُدرِجوا” إلى “المنازلة”؟!

“تسجيل موقف”

صحيح أنّ بين نواب “التغيير” من “زايدوا” على الأحزاب “المتقاطعة” في تبنّي ترشيح أزعور، وكانوا من بين “المبادرين” في هذا الاتجاه، على غرار النواب مارك ضو ووضاح الصادق وميشال الدويهي، الذين بات بعضهم “ينطق” باسم قوى المعارضة مجتمعةً، لكن بينهم في المقابل، من انتظر حتى اللحظة الأخيرة لإعلان دعم أزعور رغم “عدم اقتناعهم” به، وفق قاعدة “لمرة واحدة فقط”، وبانتظار “حديث آخر” بعد الجلسة.

ينطبق ذلك على سبيل المثال لا الحصر، على النائب إبراهيم منيمنة الذي انتُقِد كثيرًا بسبب عبارة “تجرّع السمّ” التي تبنّاها ضمن “الأسباب الموجبة” لتصويته، وكذلك على النائب فراس حمدان الذي لم يعلن خياره إلا قبل موعد الجلسة بدقائق، من خلال بيان فنّد فيه الأسباب التي جعلته يصوّت لمن ليس مقتنعًا به، فيما كانت زميلتهما حليمة قعقور، التي رفضت الالتحاق بهما، تتحدّث صراحة عن “ضغوط” تُمارَس على “التغييريين”.

رغم ذلك، يدافع المؤيدون لموقف النواب “التغييريين” عن الخيار “الصعب” الذي اتخذوه، بوصفه “تسجيل موقف”، أو “رسالة” إن جاز التعبير، أرادوا إيصالها إلى “الثنائي الشيعي” تحديدًا، رفضًا لسياسة “الفرض” التي يحاول اعتمادها في الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي فإنّ الصوت الذي منحوه لم يكن لأزعور بقدر ما كان في وجه “الثنائي”، اعتراضًا أيضًا على “التعطيل”، ولا سيما أنّهم كانوا متيقنين أنّ الرجل لن يُنتخَب رئيسًا بأصواتهم.

هل ندم “التغييريون”؟

حين اتخذ “التغييريون” خيارهم “الصعب” بلا اقتناع، كانت الأجواء العامة توحي بأنّ جهاد أزعور يحقّق “تقدّمًا مريحًا” على خصمه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، باعتبار أنّ الفارق بينهما يتجاوز عشرة أصوات في أسوأ الأحوال، ما يعني أنّ دعم “التغييريين” له قد يتيح له الوصول إلى أكثرية الـ65 صوتًا، علمًا أنّ ضغوطًا مورست عليهم، تحت طائلة “التخوين”، لضرورة الاختيار بين “الأبيض والأسود” في معركة “حياة أو موت” كهذه.

بيد أنّ النتيجة جاءت “معاكسة” لكلّ هذه التوقعات، ليتبيّن أنّ تقدّم أزعور “المريح” لم يكن حقيقيًا، بل إنّ أصوات نواب “التغيير” غير المقتنعين به هي التي أنقذته من موقف “محرج”، إذ إنّه لولا تصويت هؤلاء تحديدًا له، كان يمكن أن “يتفوّق” فرنجية عليه ولو بفارق ضئيل، أو أن يبقى متقدّمًا ولكن بفارق صوت أو صوتين، إذا ما استثنينا النواب المتموضعين إلى جانبه منذ اللحظة الأولى، أيّ الصادق وضو والدويهي.

رغم ذلك، ينفي العارفون بموقف “التغييريين” أن يكونوا قد “ندموا” على خيارهم، مشيرين إلى أنّ المعركة فرضت عليهم الاختيار بين “السيء والأسوأ” كما يقول بعضهم. ويؤكد هؤلاء أنّ نواب “التغيير” أرادوا أن يوجّهوا بموقفهم رسالة إلى الجميع، فهم يتحفّظون على أزعور، لأنه ليس المرشح “الأفضل” لهذه المرحلة، فضلاً عن وجود تساؤلات حول الدور الذي لعبه، ولكنّهم أيضًا أرادوا أن يرفعوا “فيتو” في وجه الثنائي ومرشحه.

يقول “التغييريون” إنّ صوتهم لأزعور كان “لمرّة واحدة فقط”، بل إنّ بعضهم أوحى بـ”مبادرة جديدة” سيطلقونها بعد الجلسة. بينهم من يقول إنّ الوقت قد حان للبحث بـ”خيار ثالث”، وبينهم من يعتبر أنّ عليهم العودة للاصطفاف ضدّ المنظومة بأسرها. ثمّة من يلومهم على موقفهم الذي بدا “مُربَكًا وضعيفًا”، وثمّة من يعتبر أنّهم “استُدرِجوا”، لكنّ الثابت أنّهم مع كل استحقاق، يجدون أنفسهم في “ورطة” تتعمّق كلما حاولوا “الاتحاد”!

المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى