هذا الأمر قد يشكّل ضربةً قاسية للبنان!
لا تزال المخاوف قائمة من انقضاء الهدنة في غزة وعودة الحرب ومعها اشتعال الجبهة الجنوبية التي تسجل حالةً من الهدوء الحذر في الوقت الراهن، ولكن في حالتي الهدنة أو الحرب المحدودة مع خطر التوسّع فإن النتيجة واحدة على الإقتصاد وهي سلبية وما زالت رغم الهدنة، إذ يجزم رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، أنه حتى لو لم تتوسّع الحرب، و بمجرد أن تكون هناك مخاطر حرب، سيرفع هذا الأمر نسبة المخاطر في الإقتصاد وسيؤدي إلى نتائج كارثية .
ورداً على سؤال ل”ليبانون ديبايت” عن واقع الإقتصاد بعد شهر ونصف على الحرب، يقول الدكتور مارديني إن “لبنان قد مرّ بموسم صيف واعد، انتعشت فيه السياحة ما أدى إلى تدفّق كبير للدولار إلى البلد، وهو ما ساهم في تحريك عجلة الإقتصاد واستقرار سعر الصرف، وسمح للمصرف المركزي بأن يعزز احتياطاته من الدولار”.
ويوضح مارديني أن “خطر الحرب الذي ما زال موجوداً، دفع بكل من كان سيعود إلى لبنان في عطلة الميلاد بعدما أمضى فيه إجازة الصيف، وبكل الذين لم يزوروه في الصيف وقرروا زيارته في عيدي الميلاد ورأس السنة، قد صرفوا النظر عن العودة في الأعياد لأنهم خافوا من اتساع رقعة الحرب”.
وبنتيجة هذه المخاوف يوضح مارديني “تراجعت الحركة السياحية وكذلك حركة تدفّق الدولار، إذ أن حركة مطار بيروت في الفترة التي تبعت بداية الحرب، قد تراجعت حيث تدنت حركة الوصول إلى لبنان بنسبة33 بالمئة، فيما زادت حركة المغادرة بنسبة 28 بالمئة، كما تراجعت نسبة الإشغال في الفنادق وحركة المطاعم وأماكن السهر والمقاهي، وبالتالي فإن كل العجلة الاقتصادية التي تستند على السياحة، قد تضررت وهو ما يؤثر سلباً على الوضع الإقتصادي العام”.
وعليه، من المعلوم ووفق مارديني، أن “السياحة تؤثر بنسبة 26 بالمئة من الناتج المحلي في لبنان، وإذا انحدرت من 10 إلى 30 بالمئة بسبب الحرب ومخاطر الحرب، سيتراجع الناتج المحلي 10 بالمئة، ما سيؤدي إلى انهياٍر إقتصادي كبير، وبالتالي، وفي أسوأ الاحوال إذا زادت المخاطر وتوسّعت الحرب وانحدرت السياحة بنسبة 70 بالمئة، عندها فإن الناتج المحلي في لبنان سيتراجع إلى مستوى 23 بالمئة ما سيشكّل ضربةً قاسية للبنان وللإقتصاد وسوق العمل في لبنان والوظائف”.
وعلى صعيد الصناعة، يقول مارديني إن “القطاع الصناعي يواجه تحدياتٍ عدة، فبعض الشركات قد تهاجر إلى دول أخرى من أجل تأمين استمرارية عملها، وكذلك بالنسبة لحركة التصدير من لبنان، لأن أي مستورد من لبنان، قد يتحول إلى وجهاتٍ أخرى أكثر أماناً”.
هذه عيّنة من الأزمات الإقتصادية التي يشهدها الإقتصاد حالياً وبسبب المخاطر من وقوع الحرب ورغم عدم اندلاعها، كما يتابع مارديني، الذي يؤكد أن “المصيبة الأكبر ستكون في حال وقعت الحرب حيث لن يكون سوى الموت والدمار وهدم البنية التحتية للبلاد والإنهيار”.