هل يكون الحلّ برئيس إنتقالي لسنتين؟
يتوقع أن يشهد لبنان أكثر من حراك خارجي يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، فثمة عودة قريبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين لبحث مستفيض في الملف الرئاسي تحت عنوان تطبيق القرار 1701، مع ترجيح كفة مرشح رئاسي تزكّيه واشنطن على آخرين. وتستعد قطر للتحرك خلال الأيام المقبلة، وهي عدّلت في فريق عملها المعني بالموضوع الرئاسي اللبناني. كانت انتهت مباحثات قطر إلى إقتراح المدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري، وموفدها سيبدأ من حيث كان انتهى، أي الخيار الثالث، بعدما لمس أنّ وجهة الاعتراض الوحيدة على البيسري «أنه كان أقرب إلى أحدى الشخصيات السياسية».
ومحلياً تشخص الأنظار الى عين التينة وما سيقترحه رئيس مجلس النواب نبيه بري بهدف تحريك الجمود الرئاسي. شكّلت المعايدة فرصة لتداول الشأن الرئاسي بين أكثر من جهة سياسية، لكن أيّ توافق لم ينضج بعد، بل هي مجرد اقتراحات على وقع حرب غزة ومن وحيها.
ذلك أنّ «حزب الله» بصفته أحد المعنيين الأساسيين بالإستحقاق الرئاسي لا يزال يقدّم جبهة غزة على أي من الإستحقاقات الأخرى على أهميتها، وهو لا يزال على موقفه من أنّ الظروف لن تسمح بالإتفاق على رئيس جديد. يغلق الباب على التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون ويفرّق بينه وبين انتخابات الرئاسة. تكرار التجربة غير ممكن رئاسياً لحاجة قائد الجيش إلى تعديل غير ميسّر للدستور، في المقابل لم يشهد ترشيح سليمان فرنجية تطوراً لصالحه. هذا الجمود مقرون برفض أي فريق التراجع عن خياراته، ما يفرض البحث في صيغة ما تخرج الاستحقاق من جموده. وهنا يفرض الخيار الثالث نفسه. ذاك الخيار الذي سيشكل المخرج للطرفين ويسلمان به بقوة دفع خارجية، لكن هناك من يقصد بالحديث عن خيار ثالث التوافق على شخصية رئاسية لفترة انتقالية تقود حواراً للعبور بالبلد إلى مرحلة أكثر استقراراً.
فكرة تطرحها مصادر سياسية على سبيل مخرج من الجمود الرئاسي الحالي وهي تندرج في سياق مجموعة الأفكار قيد الدرس. أي امكانية التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية لعامين يؤمّن العبور بالبلد إلى مرحلة جديدة ريثما يكون قد تم التوافق على أمور كثيرة دستورية واقتصادية وغيرها.
بحسب الاقتراح فإنّ الرئيس الانتقالي سيواكب مرحلة ما بعد حرب غزة والتسوية المرتقبة، ويدير حواراً حول الرئاسة، وشؤوناً أخرى، ثم تنتهي ولايته. شخصية كهذه موجودة حسب أصحاب الفكرة، ولكن انتخابها يتطلب اقناع المرشح سليمان فرنجية بسحب ترشيحه واقناع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وبقية الأطراف المسيحية بجدوى اقتراح كهذا.
مع اعتراف أصحاب هذا الرأي بأنّ صيغة رئاسية كهذه لا ينص عليها الدستور يمكن ألا تلقى قبولاً من أي فريق مسيحي ماروني على وجه التحديد، إلا أنّهم يؤكدون أنّها ستطرح من باب جسّ النبض والتلويح بوجود خيارات أخرى. المفيد في فكرة كهذه هو تسليم الجهة التي تفكر في طرحها بانعدام حظوظ مرشح «الثنائي» سليمان فرنجية، كما المرشح جهاد أزعور، وقد تشكّل مقدمة للتفكير في مرشح ثالث، لكنها كفكرة ستفتح الباب من وجهة نظر مسيحية أمام أزمة جديدة وتشكل إحراجاً لأي طرف ماروني يتماهى معها أو يقبل بها.
ومثل هذا الطرح يتكرر في كل مرة يصطدم انتخاب الرئيس بخلافات محلية وسرعان ما ينتفي ويموت في مهده لما يتضمّنه من مسّ بالمهل الدستورية لرئاسة الجمهورية ولا يمكن لأي طرف تبنّيه، ولو كان مسيحياً. وما دام شرط الرئيس الانتقالي هو التوافق فلمَ لا تكون الشخصية المتفق عليها مرشحة لولاية رئاسية كاملة؟ وما المبرّر حينها لتقصير الولاية؟ اللهم إلّا اذا كان الغرض انتخاب رئيس وهيئة تأسيسية وحكومة تكنوقراط لمدة محدّدة يعاد في ضوئها البحث في انتاج نظام جديد، وهذا ما ليس مطروحاً للبحث في ظل الظروف الراهنة.
يعترف أصحاب فكرة الرئيس الانتقالي بصعوبة الطرح الذي يحتاج إلى دراسة دقيقة واتفاق مع المسيحيين في شأنه، ولكنه قد يكون فكرة قابلة للبحث لتمرير المخاض العسير الذي تعيشه المنطقة، وخصوصاً مع صعوبة التوافق على رئيس والحؤول دون تمديد الفراغ إلى أجل غير مسمى.
هي مجرد فكرة لا يزال الحديث عنها خجولاً وفي إطاره الضيّق. ربما من باب جسّ النبض أو الضغط لإنتخاب رئيس أو مجاراة طروحات الخارج، المهم أنّ كلها تصب في خانة تسليم الجميع بوجود خيار رئاسي ثالث بمن فيهم «الثنائي».