الدولة مفلسة… من يُساعد المنكوبين؟
وفق مسح أجرته لجنة إدارة الأزمة الحكومية، بالتعاون مع وحدات إدارة الكوارث في الجنوب والنبطية والمنظمات الدولية، تبيّن “نزوح 140 ألفاً عن البلدات الحدودية، من بينهم حوالى 93 ألفاً مسجّلون لدى البلديات، في مقابل 60 ألفاً لا يزالون يقيمون في مناطق النزاع”. كما أُقفلت 75 مدرسة رسمية وخاصة في البلدات الحدودية والخلفية منذ بدء العدوان وتضرر 790 هكتاراً من الأراضي الزراعية و340 ألف رأس ماشية، وفق الأرقام التي عُرضت أمس في مؤتمر عُقد في السراي الحكومي بدعوة من لجنة إدارة أزمة النزوح الحكومية… وفي مستهل مجلس الوزراء الخميس، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: عقدنا اجتماعًا مع منظمات الامم المتحدة وسفراء الدول المانحة والمعنية، واجرينا نقاشا مستفيضا حيال ما يحصل في الجنوب وطلبنا المساعدة السريعة، خصوصا وأن هناك حوالى 100 الف نازح من قرى الجنوب و331 شهيدًا وحوالى 1000 جريح، والكارثة الكبرى هي في الاضرار الحاصلة في القطاع الزراعي… وأنا أرى وجوب أن نعلن منطقة الجنوب منكوبة زراعيًا خصوصًا وأن هذه المشكلة ستنسحب على السنوات المقبلة. الامر ذاته ينسحب على القطاع التربوي، حيث هناك حوالى 75 مدرسة مغلقة نهائيا، ناهيك عن ملف اعادة اعمار ما تهدم واولوية البحث عن مصادر التمويل.
لكن الحقيقة المرة، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هي أن لا تمويل ولا تعويض. فبعد الاجتماع الوزاري – الاممي الذي تحدث عنه ميقاتي، خرج وزير البيئة ناصر ياسين وهو رئيس اللجنة الوزارية لمتابعة النزوح من الجنوب، ليقول: “قدرنا الحاجات المطلوبة من الان حتى نهاية حزيران بحوالى 72.4 مليون دولار ونحن بحاجة لها لإكمال الامور الاغاثية الأساسية فقط، ونحن لا نتكلم عن اليوم التالي في ما يتعلق بإعادة الأعمار أو إعادة أحياء المناطق التي تتعرض للعدوان، نتكلم فقط عن تأمين الامور الاغاثية والإنسانية للأشهر المقبلة”، مضيفا ردا على سؤال ان “لم تكن هناك إجابات لأننا قدمنا عرضا وستكون هناك متابعة مع السفراء ومع الدول المانحة والمنظمات الدولية من أجل تأمين الامور الأساسية، فلكي نؤمن المساعدات الغذائية او المالية لحوالى 90 ألف نازح في الجنوب نحن بحاجة الى نصف هذا المبلغ للوصول إلى أوائل فصل الصيف وقد تم التركيز على هذا الموضوع، ولم يحصل ارتباط لهذا الموضوع بالسياسة، ولكن باستمرار فإنّ المساعدات والدعم الخارجي يتلازمان مع نقاش سياسي، فما نقوله، إنّها اعتداءات علينا ما أدى إلى تهجير المواطنين ويجب ان يحصل لبنان على الدعم، وبالتأكيد فان جزءا من هذا الدعم تقوم بها الدولة عبر تقديم المساعدات للنازحين لكننا بحاجة ايضا للدعم الدولي لاستكمال عملية الإغاثة وتنفيذ خطة الطوارئ”.
“الدعم الخارجي يتلازم والنقاش السياسي”، وهنا لبّ المشكلة. فالمجتمع الدولي يرى ان لبنان بادر إلى “الاعتداء” على اسرائيل، وأنّ “حزب الله” بالتحديد هو المبادر، والاخير يُعتبر في نظر العواصم الكبرى، منظّمة إرهابية. وبالتالي، هي ليست متحمّسة البتة، لأن تتكفّل بإعمار ما هدمه الحزب، خصوصًا أنّ خطوة كهذه قد تشجّعه على المبادرة إلى فتح حروب إضافية في المستقبل.
انطلاقًا من هنا، وفي وقت أعلن ميقاتي أن لا قدرة لدى الدولة على دفع تعويضات وعلى مساعدة من تهدمت بيوتهم وفقدوا أرزاقهم وتضررت مصالحهم وحُرقت أراضيهم، تقول المصادر أنّ مَن أقحم لبنان في الحرب، وهو يعلم مسبقا ان علاقات بيروت بالمانحين ليست على ما يرام، أن يعوّض على المتضررين، وعلى المنكوبين، وما أكثرهم. فالنكبة لم تصب الزراعة فقط، بل كل الجنوب وتتهدد لبنان بأسره اليوم… فهل مَن أخذ لبنان الى الحرب، سيُعيده منها؟!