لقمة العيش ممزوجة “بالحشرات والعفن”: سلع غذائية على رفوف “دولة غفلانة”
“بين انقطاع الكهرباء والفساد الغذائي قصة وغصة”,فيما جميع الأزمات تجعل المواطن متأهباً في كل لحظة لمواجهة الضربات التي تقع على رأسه من كل حدبٍ وصوب, أتى “التفلت الغذائي” “كالضربة القاسية” التي قضت عليه وجعلت منه ومن أطفاله كينونة أمراضٍ مُتحركة تموت على أبواب المستشفيات الخاصة بسبب فواتيرٍ تكوي جيوب المواطنين.ووقع ضحيتها المواطن اللبناني الذي لا حول ولا قوة له سوى محاربة الفساد, لذلك لا عجب لهذا المسكين “أن يحمل همومه على كتفه” فيما قوته اليومي بات ممزوجاً “بالعفن لا شرف” و”القهوة معفنة على الرفوف”…
وانطلاقاً من هذه النقطة, نجد ان “محاضر الضبط” في المناطق اللبنانية تُسطر “بالجملة” والذي زاد من مدى انتشار هذه الظاهرة هو اهتمام المواطن بعد الأزمة الاقتصادية “بسعر السلعة لا جودتها” ففلت حبل الأمن والجشع في ظل غياب الرقابة والوزارة. أما قانون سلامة الغذاء فموجود على الورق فقط، إذ تؤكد الأخبار الكثيرة التي يتم تداولها في الفترة الأخيرة أن الفساد الغذائي يجتاح لبنان، فقد تعددت الملفات التي جعلت الأمن الغذائي يتصدر المشهد، وقد عززت قلق المواطنين على صحتهم وسلامتهم من الأطعمة غير الصالحة التي تباع في الأسواق وهي غير مطابقة للمواصفات.
تبعاً لذلك, من السهل جداً أن تكون في هذا البلد وتصادف يومياً “ملحمة تبيع لحم حمير” و”حبوب وزعتر مدود” و”طحين ممزوج بالحشرات”. فكل هذه الفضائح فتحت للتساؤلات ألف ألأف باب وسلطت الضوء على واقعٍ غفلت عنه الدولة “أم تغافلت عنه” ومن هنا, نائب رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتورة ندى نعمة تلفت الى أنّ قضيّة سلامة الغذاء في لبنان لم تتحسّن، وأتت الأزمة الاقتصادية لتزيد الطين بلّة. فقانون “سلامة الغذاء” أقرّ منذ العام 2015 لكنّه بقي بلا تطبيق. بنظرها، الواقع يتطلّب إدخال نظام حديث للمراقبة وتطوير القوانين وسبل المراقبة، فضلًا عن تعزيز الإدارات التسعة المسؤولة عن الرقابة و”تشبيكها” ببعضها البعض للوصول الى نتيجة، كل هذه الخطوات لم نقم بها ليبقى القانون صوريًا فقط. وتقول أنّ جمعية حماية المستهلك ترسل بدورها الشكاوى إلى وزارة الاقتصاد التي تبدو متعاونة، وتسطّر محاضر ضبط، تذهب الى القضاء. لكن للأسف لا يُبت بها بسبب القضاء المعطّل. وهنا، تشير إلى عدم رضى عن هذه الآلية التي تحتاج إلى تعديل لتصبح سريعة ورادعة وبحجم الخطر الذي تسبّبه هذه القضية على المستهلك. وفي هذا السياق، تشجّع “نعمة” أي مواطن لتسجيل شكاوى، حتى ولو بقيت سنوات بلا بتّ، فالشكوى ضرورية لتحسين المنتجات حتى ولو كان ثمّة خلل في الإدارة وانهيار في المؤسسات، إلا أنّ النَفَس في التعاطي مع هذا الملف يجب أن يكون طويلًا.
أكثر من ذلك, تسجل لدى وزارة الصحة أرقام خيالية لحالات تسمم وينُشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر “أقبح المناطر ورداءة الجودة والتخزين” مما يطرح علامات استفهام حول دقة الجداول عن حالات التسمم الصادرة عن الوزارة, أما عن الحلول والاجراءات فهي تتعلق أهمها بفرض الرقابة الصحيحة والمتابعة الميدانية والفحص وفرض غرامات مالية ضخمة مع عقوبة بالسجن لمن يخالف المعايير الغذائية السليمة ولكن اذا ظلت الحلول متعلقة “ببرامج وقائية” و “ارشادات تفادي التسمم” اذاً نحن أمام كارثة “تُستر المفضوح ولا تعالجه”!
في المحصلة,الأطفال يجوعون, الأسر تٌعاني والأمل يتلاشى مع تاجرٍ جشع لا يشبع اتكأ على دولةٍ صامتة لا تُبالي والمشاهد تُسابق المواكن وتزدحم في طابور الوطن المأزوم واذ به يترقب تصرفات الدولة الخاضعة تحت وطأة الفساد وكأنها تقول له”موت من الجوع أو اكل وتسمم”…فهل سنجد سبيل الوقاية والحل؟! أم دولة “الحدث ولا حرج” ستتهاون مع الأمر!؟
خاص موقع ليبانون ميرور
أسيل درويش