“ثغرات مالية” ولم يختلس.. لماذا تمّ توقيف رياض سلامة؟
أوقف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بتهم اختلاس الاموال واحيل الى قاضي التحقيق الأول، بلال حلاوي، الذي من المفترض ان يستجوبه الاثنين المقبل…
ولكن منذ الثلثاء الفائت ولغاية اليوم الكثير من الاسئلة عالقة وبلا اجوبة، منها ما هو مالي عن الودائع، ومنها سياسي عن الاهداف والتوقيت، ومنها ما هو قضائي عن الادلة والاثباتات….
من المبكر الحصول على الاجوبة، ولربما لن تأتي في القريب العاجل لا سيما اذا دخل الملف في غياهب المماطلة والتأجيل لألف سبب وسبب!
في هذا الوقت صدر عن المكتب الاعلامي لسلامة، بيان يوضح أنّ “المادة 53 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تفرض موجب سرية التحقيق وتعاقب كل من يفشي أي معلومة عن التحقيق بعقوبة الحبس لمدة سنة إضافة الى الغرامة، مؤكداً أنّ “الدفاع عن الحاكم السابق لمصرف لبنان ملتزم بهذه المادة ويتمنى التزام الجميع بها حفاظاً على موضوعية التحقيق”.
وأكد البيان أنّ “الحاكم السابق لمصرف لبنان قبل وبعد انتهائه من مهامه الرسمية تعاون بكل موضوعية في أكثر من 20 ملاحقة جزائية في بيروت وجبل لبنان طالما أنّ تلك الملاحقات التزمت بقانون أصول المحاكمات الجزائية وبموضوعية وحيادية الجهات المسؤولة عنها”، لافتاً إلى أنّه “مستمر بهذا التعاون بعد احتجازه من قبل النائب العام التمييزي كما كانت الحال قبل هذا الاحتجاز”.
غير ان قاضٍ متقاعد، اشار الى وجود الكثير من الشكوك والالتباسات حول هذا التوقيف، معلنا: فلنسلم جدلا ان سلامة مرتكب ولكن ليس وحده، وتحديدا في مصرف لبنان!.
وشرح القاضي عبر وكالة “أخبار اليوم” ان قاضي التحقيق، بعد الاستجواب اما يصدر مذكرة توقيف وجاهية او يتركه بسند كفالة انطلاقا من تقديره ما اذا كانت التهمة تستأهل “العقاب الجسدي”.
واوضح القاضي عينه ان المصرف المركزي هو بشكل او بآخر مؤسسة رسمية وان كان له نظامه الخاص، لذا هنا لا بدّ من السؤال اين مفوض الحكومة ونواب الحاكم الذين كانوا الى جانبه طوال فترة الـ30 عاما، ألم يكن يفترض بهم ان يراقبوا عمله وسياسته المالية وهندساته؟ اليس هناك من مسؤولية تقع عليهم؟!
وفي هذا السياق، شدد القاضي المذكور على دور مفوض الحكومة تحديدا الذي يفترض ان يراقب عمل الحاكم وكبار الموظفين في المصرف المركزي لجهة السياسة المالية المتبعة، واذا وجد اي مخالفة كان يفترض به ان يرفع تقريره الى مجلس الوزراء الذي يطرح التقرير على وزير المال واذا وجد شوائب او مخالفات فيحيل الامر الى وزير العدل… وبالتالي يجزم القاضي: المسؤولية جماعية؟!
وردا على سؤال، قال القاضي: ملاحقة سلامة لوحده ومنفردا تكون بالجرم الذي ارتكبه، لذا هل هو وحده المرتكب؟ وهذا ما يدعو الى الاستخلاص ان ملاحقة وتوقيف سلامة ليست فقط ذات وجه قضائي، فاقله يجب الاستماع الى نواب الحاكم ومفوض الحكومة.
وما هو هذا الوجه غير القضائي؟ اجاب: ربما يكون سياسيا، اذا كان كذلك فان هذا التوقيف يسيء الى البلد لا سيما على المستوى المالي.
وفي سياق متصل، اوضح القاضي المتقاعد انه في الجرائم المالية لا يتم التوقيف – اي العقاب الجسدي – الا بعد التأكد من الاختلاسات والضرر، علما ان التدقيق الحسابي لم يحصل بمعناه التام، فالشركات التي اتت الى لبنان تحت هذا العنوان وتحديدا شركة ألفاريز آند مارسال اشارت الى وجود ثغرات مالية ولم تقل علنا وصراحة ان “الحاكم اختلس”.
ولفت القاضي عينه ايضا الى ان التوقيف وفق اصول المحاكمات الجزائية ليس عقوبة كالتي تنفذ بعد النطق بالحكم.
اخبار اليوم