مَن يتنازل للآخر: فرنجيّة أم عون؟
انتهى العام الحالي على استمرار تعثر الانتخابات الرئاسية، وانعدام الأفق بامكان انتخاب رئيس جديد للجمهورية مطلع العام المقبل،بالرغم من نفحات الامل التي يلفح بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجو السياسي العام، مستوحيا من التفاهم الذي حصل بين مختلف الاطراف والاضداد السياسيين على التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون مؤخرا لعام إضافي في موقعه، بوادر واشارات مشجعة لتعميمها على الانتخابات الرئاسية في وقت قريب، الأمر ألذي شجع البعض للارتكاز الى هذه الاجواء المريحة، وبث اجواء تفاؤلية تلمح الى امكان انتخاب رئيس الجمهورية هذا العام، في حين يبدو ان تحقيق مثل هذا التمني يبدو صعبا في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، وربط الاوضاع في لبنان كله بهذه الحرب، من خلال الاشتباكات التي تجري بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدوداللبنانيةالجنوبية، رغما عن ارادة وتوجهات معظم اللبنانيين.
ولكن بالرغم من هذه الوقائع والاجواء الملبدة، لا بد من التوقف عند حدث اللقاء المهم، الذي جمع بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون، الى مائدة العشاء في منزل الاخير، بعد مرحلة من الجفاء والبرودة بينهما، وما تركه من مؤثرات على الواقع السياسي العام، ولاسيما على انتخابات رئاسة الجمهورية، باعتبارهما المرشحين الأساسيين للرئاسة حتى الامس القريب.
قيل إن اللقاء كان لدعم التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون سنة اضافية في موقعه، بمواجهة حملة الاتهامات والرفض المطلق التي ساقها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ضد التمديد وذهابه بعيدا في مخاصمته سياسيا. وقيل أيضا، إن زيارة رئيس تيار المردة لعون في منزله، هي للرد على موقف باسيل الرافض لترشحه لرئاسة الجمهورية، وانضمامه الى صفوف المعارضة ضده، في آخر جلسة للانتخابات الرئاسية.
مهما قيل من تفسيرات واستنتاجات هنا وهناك، يبقى ان اللقاء سجل سابقة مهمة في مسار الانتخابات الرئاسية، وترك بصماته تقاربا بين المرشحين الرئاسيين الاساسيين، في مواجهة الرافضين لكليهما،وهذا ينطبق على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومعظم كتلته النيابية،بينما تتقاسم باقي الاطراف تأييد احدهما دون الآخر.
ويلاحظ ان اللقاء بين فرنجية وقائد الجيش حصل بعد الانحسار المرحلي لدعم ترشيح رئيس تيار المردة للرئاسة كما كان عليه في المبادرة الفرنسية بداية، بعد اعتراض ورفض الكتل النيابية المسيحية الثلاث لهذا الترشح، وطرح المرشح الثالث في مساعي الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان للمساعدة في حل أزمة الانتخابات الرئاسية، إثر فشل فرنجية ومرشح المعارضة جهاد ازعور بالفوز بجلسة الانتخابات الرئاسية الاخيرة.
يبقى السؤال الذي يراود اللبنانيين عن النتائج السياسية لهذا اللقاء، والتي ترجمت بداياتها، بدعم فرنجية للتمديد لقائد الجيش، وما إذا كانت تشمل في مرحلة لاحقة تحقيق التوافق على مرشح رئاسي من بينهما، إذا انسحب التوافق المحلي والاقليمي عليه في الاسابيع المقبلة، كما حصل للتمديد للعماد عون، ومن يتنازل منهما للآخر، ويدعم انتخابه للرئاسة،في ظل المعطيات والوقائع والتطورات الحاصلة؟