اخبار محلية

الحريري “بقّ البحصة” من بيت الوسط: لهذا علّقت العمل السياسي!

وفي اليوم الثالث، بقّ بحصةً… من بيت الوسط مساءً…

الرئيس سعد الحريري، العائد من الامارات في ١٢ شباط ٢٠٢٣، ظَهَرَ ظُهْرَ أمس ١٤ شباط على “البرج” في ساحة الشهداء، في باحة جامع الأمين، عند ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقرب أضرحة رفاق الحريري، وتحت سماء زرقاء، وفي أحوال جوية صافية، على عكس لونه الشاحب، وجسمه الأكثر من نحيل، وحيث آلاف المحبين والأصدقاء والمناصرين الحاملين كل الحب في قلوبهم للشيخ سعد، لم يفلحوا في تغيير حرف واحد “من سطور” وجهه المكفهر، أو كما يُقال بالعاميّة في لبنان: “وِجُّو ما بْيِتْفَسّر”، يعني ليس فيه لون ولا تقاسيم ولا تقسيمات منفرجة، بل ملامح غصة ونغصة وحسرة، ترجمها الشيخ سعد عند الضريح بتصريح، من عبارات سبع مدويّة: “الله يرحم الرئيس رفيق الحريري، الله يْعين لبنان”…

استغراب مشهدية فيزيولوجيا جسم ومحيّا الرئيس سعد الحريري، فاق أو على الأقل، وازى (سلبا)، حجم العاطفة والأشواق والرجاوات والأمنيات والتمنيات، التي حملها هؤلاء الناس الودعاء هؤلاء الناس العاديون، الذين تحدوا دولار الـ ٧٣ ألفا، ووفدوا الى الضريح للقاء الشيخ سعد، من جرود عكار، وسهوب سهل البقاع وتلاله، ومن قرى الجبل والسلسلتين، وبعض الجنوب، ومن حاصبيا وراشيا، ومن أنحاء بيروت المدينة الأحب على قلب الرئيس رفيق الحريري الذي استُشهد في قلبها قبل ثمانية عشر عاما، في يوم محدد رمزيا بعيد الحب بالسان فالنتاين، هؤلاء الناس الذين صدحوا، بما ملخصه: “نناشدك شيخ سعد، العودة الدائمة، وعدم ترك لبنان، وعدم ترك الطائفة السنية التي تحتاج وجودك بإلحاح وأكثر من أي لحظة مضت، لا تغب عنّا”.

وقد لوحظ عدمُ صدور أصوات من المحتشدين، تستهدف الذين كان من الممكن أن يُسْتَهْدَفوا، لو كانوا حضروا، لكنهم لم يحضروا..
من قلب العاصمة، الى بيت الوسط، حيث احتشد أيضا المحبون والأصدقاء وجمهور المستقبل، انتقل الشيخ سعد، مطلا على الجميع، وتوجه إليه بعدد من العبارات المتهادية :
” إنتو ضمانة لبنان.. هالبيت رح يضل مفتوح.. مفتوح بوجودكن ومحبتكن.. إنتو الناس الطيبة، البيت رح يضل مكمّل المشوار… وانشالله يضل لبنان بخير… وهلق نقرأ الفاتحة”…

إنما حتى الآن، في هذه السردية، بقيت البحصة في فم زعيم تيار المستقبل والزعيم الأول في المكون السني في الوطن… وما هي إلا تلاث او أربع ساعات، حتى بقّ البحصة مدموغةً بما قلّ ودلّ، من وجدان الرئيس سعد، ومن خاطره، ومن حسرته، والأهم من طيبته، التي لا تنفع ولا تتلاقى ولا تتناسب مع سموم السياسة اللبنانية، ولا مع نتائج او بالأحرى عقم التسويات التي نسجها وظن بأن من أنجز معهم تسويات (قبل ستة أعوام) ستُعلي وستعزز وستزخم نموذج لبنان الحلو والمجتمع المتوائم والعيشة الهنيّة.. والتركيبة اللبنانية الرسولية، والبراءة الصيداوية، ومعادلة “الجميع رابح”.. لكن سعد الحريري أيقن متأخرا مرارة الواقع، فخرج من اللعبة، وبكل صدق وتجاوب مع انتفاضة ١٧ تشرين…

وبعد عام ونيّف على تعليقه العمل السياسي، وتعليق العمل السياسي لتيار المستقبل (وليس العمل الحزبي داخل التيار)، بقّ الشيخ سعد بحصةً، وكأنها تخرج من كليته وليس من فمه، بقها في دردشة في بيت الوسط مساء أمس:

” أنا سعد الحريري، لست من الاشخاص الذين يقولون مش قادر، و ما بدّي…
أنا تركت الساحة للجيل الشاب اللي طلب التغيير بالثورة، وكان على الجميع في السلطة أن يفعلوا الأمر نفسه، لأنهم أخفقوا بإدارة البلاد…
علّقت العمل السياسي..
السياسة هي أداة للانجازات، لكن الناس تبقى الأساس..
الحق ليس على التشرذم السني، فكل من قرر أن يحمي حقوق الطايفة، حرقها..
ثم، بعد هذه الأقوال، أطلق الرئيس سعد الحريري، السهم: “هناك من استخدم سعد الحريري كشماعة إن كان الحليف أم الخصم”…

سعد الحريري بهذا الكلام أو “البحصة”، لم يخرج عن عهده الموقت، وعن تعهده عدم الدخول في السياسة المعلقة من جهته، لكنه أفصح عن بعض من الجراح السياسية والوجدانية التي أصابه بها عدد من الأفرقاء الخبثاء، سواء الأعداء او الحلفاء .. أو ما بين- بين…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى