اخبار محلية

هل يريد “التيار” أن تحصل الانتخابات البلدية؟!

في موقفٍ قد يكون الأكثر “صراحة” في ملف الانتخابات البلدية والاختيارية، التي يقال إنّ معظم الفرقاء يشكّكون بحصولها ولا يريدونها، لكنّهم يجاهرون بالعكس، في سياق “تقاذف كرة المسؤولية”، ألمح “التيار الوطني الحر” في البيان الذي أصدره بعد اجتماع مجلسه السياسي برئاسة النائب جبران باسيل، إلى “عدم الاستعداد” للاستحقاق، ولو سعى إلى الرمي باللائمة على التحضيرات “اللوجستية” غير المكتملة.

فمع اعتبار “التيار الوطني الحر” قرار وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي في هذا الإطار، دعوة الهيئات الناخبة للمجالس البلدية والاختيارية، “قرارًا قانونيًا طبيعيًا”، طرح سلسلة من علامات الاستفهام التي فُسّرت “تشكيكًا” بحصول الانتخابات، بل ربما “حثًا” على عدم حصولها، من السؤال عن التمويل المطلوب لإجراء الانتخابات، إلى جهوزية الأساتذة للمشاركة وتأمين رئاسة أقلام الاقتراع، وجهوزية القضاة في لجان القيد.

ولأنّ هذه ليست المرّة الأولى التي يطرح فيها “التيار” مثل هذه الشكوك، وقد سبق لباسيل أن أثارها في المؤتمر الحزبي مؤخرًا، ولأنّ قياديّين في “التيار” باتوا يعلنون صراحةً انفتاح “التيار” على المشاركة في جلسة تشريعية للتمديد للمجالس البلدية إذا ما تعثّر إجراء الانتخابات، ثمّة سؤال “أعمق” من الأسئلة التي يطرحها “التيار”، يفرض نفسه: فهل يريد “التيار الوطني الحر” فعلاً أن تحصل الانتخابات البلدية، أم لا؟!
 
الظروف المناسبة
 
يقلّل المحسوبون على “التيار الوطني الحر” من شأن مثل هذا الاستنتاج “المضلّل” كالعادة، حيث يشيرون إلى أنّ الأسئلة “التشكيكية” التي طرحها “التيار” في بيان مجلسه السياسي أكثر من “طبيعية”، بل هي ربما “منطقية” أكثر من صدور دعوة الهيئات الناخبة لاستحقاق يعرف الجميع أنّ مستلزماته لم تتأمّن، وأنّ التمويل اللازم لإجرائه غير متوافر حتى الآن، وثمّة صعوبات ومعوقات تقف في طريقه على أكثر من مستوى.
 
وفيما يشير هؤلاء إلى أنّ “التيار” يطرح هذه الأسئلة حتى لا تصبح دعوة الهيئات الناخبة مجرد “محاولة لرفع العتب”، أو “ذرًا للرماد في العيون”، يشدّدون على أنّ المطلوب إجراء الانتخابات بظروف مناسبة بل مثالية، وليس أن يكون الهدف هو أن تحصل “كيفما كان”، لأنّ “ديمقراطيتها وشفافيتها تصبح على المحكّ”، إذا لم تتأمّن مثل هذه الظروف، فكيف إذا كان ثمّة احتمال ألا يستطيع المواطنون أن يحصلوا على المستندات الضرورية للمشاركة فيها.

ويستغرب المحسوبون على “التيار” أن يحاول البعض “تسييس” موقفهم عبر الإيحاء بأنّ “التيار” يخشى الانتخابات البلدية، وهو الخارج أساسًا من تجربة الانتخابات النيابية التي أثبتت “زيف كلّ الحملات”، وفق هؤلاء، كما يستهجنون التصويب “الممنهج” على “التيار” علمًا أنّ موقفًا شبيهًا كان قد صدر عن كتلة “الوفاء للمقاومة”، أبدت فيه “شكوكاً صريحة وواقعيّة إزاء الجهوزيّة المطلوبة لإنجاز الانتخابات البلدية”، وفق ما ورد في النصّ الحرفيّ لبيانها.
 
ما يخشاه “التيار”
 
لكنّ كلام “التيار” هذا لا يبدو مقنعًا لكثيرين، خصوصًا حين يقترن بإعلان صريح من قبل عدد من نواب تكتل “لبنان القوي” باحتمال مشاركتهم في جلسة تشريعية تفضي إلى التمديد للمجالس البلدية الحالية، رغم موقفهم “المبدئي” الرافض للتشريع بالمطلق في ظلّ الفراغ الرئاسي، ولو ربطوا مثل هذا الاحتمال بتعثّر تأمين الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات، ما يعطي صفة “الضرورة والإلحاح” على مثل هذه الجلسة، تفاديًا للشلل الكلّي.
 
لكن في مقابل هذا الرأي، ثمّة من يسأل عمّا يمكن أن يدفع “التيار” للتصدّي بهذا الشكل المباشر للاستحقاق البلدي، إذا ما كانت خشيته “محصورة” فعلاً بالأمور اللوجستية كما يوحي، ليخلصوا إلى أنّ المشكلة هي بطبيعة الحال “أبعد” من قدرة الحكومة على تنظيم الانتخابات، وهي ترتبط بخوف “التيار”، شأنه شأن غيره من القوى السياسية، من نتائج هذا الاستحقاق، بطابعه المحلي الذي قد لا يسري عليه ما سرى على الانتخابات النيابية قبل عام.

ولأنّ الانتخابات البلدية تاريخيًا، بهذا المعنى، لا تبدو في صالح القوى السياسية التقليدية، وهو ما يتكرّس أكثر في ظلّ الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وغياب الإنماء، ثمّة من يعتبر أنّ “التيار” يخشاها أكثر من غيره، لأنّ من شأن نتائجها، إن جاءت مخيّبة للآمال كما يتوقّع، أن “تشوّش” على موقفه من الاستحقاق الرئاسي، خصوصًا أنّه يستند فيه إلى “الحيثية” التي يقول إنّ الانتخابات النيابية الأخيرة أفرزتها، والتي قد لا يعكسها الاستحقاق البلدي.
 
قد يكون من “الظلم” القول إنّ “التيار الوطني الحر” وحده لا يريد الانتخابات البلدية، خصوصًا في ظلّ وجود فرضيّة تقول إنّه ربما “الأجرأ” بين القوى السياسية التي تتوجّس من الاستحقاق، إذ نطق بما يضمره الجميع، بصورة أو بأخرى. لكنّ الأكيد أنّ موقفه “الصريح” يطرح علامات استفهام بالجملة عن مآلات الانتخابات البلدية التي بدأ العد العكسي لها، بمعزل عن قدرة الحكومة على إجرائها كما وعدت!

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى