اخبار محلية

لماذا التحق جنبلاط بمشروع “المواجهة”؟!

ليس سرًا أنّ كتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير” حينما أعلنتا المشاركة في جلسة غد الأربعاء لانتخاب رئيس الجمهورية، كانتا تستندان إلى “قناعة” بأنّ “سكور” وزير المال الأسبق جهاد أزعور، المصنّف من قبلهما “مرشح تحدّ ومواجهة”، لن يكون بالحجم الذي يتمّ الترويج لها، وأنّ كتلاً كبرى وُضعت في خانة المؤيدين لترشيح الرجل، لن تصوّت له، وعلى رأسها كتلة “اللقاء الديمقراطي” برئاسة تيمور وليد جنبلاط.

كثيرة هي الأسباب التي دفعت “الثنائي الشيعي” لمثل هذا الاعتقاد، في ضوء تقارير صحافية أشارت إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري تعرض لـ”خديعة” في هذا المضمار، بعدما سمع كلامًا واضحًا أنّ “الاشتراكي” سيصوّت بالورقة البيضاء، في ظلّ غياب “التوافق” الحقيقي، ولذلك جاء إعلان الكتلة بالتصويت لصالح أزعور “صادمًا” بالنسبة لهؤلاء، خصوصًا أنّه “يقرّب” الأخير من عتبة الـ65 صوتًا، مع “الإحراج” المتفرّع عنها.

صحيح أنّ “الاشتراكي” برّر الأمر، بكونه أول من طرح أزعور في سياق مبادرته “التسووية”، وأنّه لا يعتبر الأخير مرشح “تحدّ”، طالما أنه يمتلك المواصفات التي تؤهّله للمنصب، وأنّه “منفتح” على الجميع، لكن، في ضوء اعتبار “الثنائي” أزعور مرشح “مواجهة”، وتصعيده غير المسبوق إزاءه، يصبح السؤال جائزًا: فلماذا التحق “البيك” بمشروع المواجهة، أقلّه في عيون “الثنائي”؟ وكيف يقارب الأخير الموقف وما سيُبنى عليه؟!

“خيبة” أم أكثر؟

يؤكد العارفون أنّ موقف “اللقاء الديمقراطي” فاجأ “الثنائي” بل صدمه بشكل أو بآخر، ولا سيما أنّ النواب المحسوبين عليه، كما المحللين القريبين منه، كانوا يردّدون قبل ساعات فقط من موعد اجتماع الكتلة “الاشتراكية”، أنّ جنبلاط سيلتزم بالأوراق البيضاء، وأنه يرفض “الانحياز” لأيّ من المعسكرين، انسجامًا مع المبادرة التي كان قد تقدّم بها، ودعا فيها إلى التوافق بين مختلف الأفرقاء من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

يقول هؤلاء إنّ عوامل عدّة كانت تميل لصالح “الحياد الجنبلاطي”، إن جاز التعبير، أولها أنّ جنبلاط لن “ينقلب” على “صديقه” الرئيس نبيه بري، الذي وصفته بعض التقارير بـ”المخدوع”، ولا سيما أنّه كان قد سمع كلامًا واضحًا بأنّ “الاشتراكي” سيصوّت بالورقة البيضاء، وثانيها أنّه لا يمكن أن يلتحق بمشروع “المواجهة”، أقلّه وفق تصنيف “الثنائي”، فيما هو يدعو ليلاً ونهارًا إلى التفاهم الوطنيّ الشامل.

ومع أنّ “الثنائي الشيعي” يدرك بأنّ جنبلاط كان أول من طرح اسم أزعور، إلا أنّه فعل ذلك في سياق “سلّة أسماء” كان يدعو إلى التوافق على أحدها، وهو ما لم يحدث، علمًا أنّ العارفين يضيفون إلى ما تقّدم عاملاً ثالثًا مرتبطًا بحديث رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” عن “توجّسه” من الاتفاق بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” في وقت سابق، فإذا به يتبنّى في نهاية المطاف المرشح الذي أفرزه “تقاطع” الطرفين.

“الاشتراكي” يرفض المواجهة

ما يقوله العارفون بموقف “الثنائي” لا يجد صداه في أوساط “الحزب التقدمي الاشتراكي” التي تتبرأ من كل الاستنتاجات والتحليلات، التي يصحّ وصف بعضها بـ”الدونكيشوتية” برأيها، مشدّدة على أنّ تبنّي ترشيح أزعور جاء في سياق طبيعي وبديهي، وهو لا يؤشر إلى أيّ “انقلاب” لجنبلاط على الرئيس بري، أو رغبة لديه في “المواجهة”، علمًا أنّ ما نشر في هذا السياق بدا مفتعَلاً ومفتقد للدقة، وفق هذه الأوساط.

تؤكد هذه الأوساط أنّ العلاقة التاريخية مع الرئيس نبيه بري متينة، لكنّها تحفظ “الاختلاف” في مقاربة الكثير من الاستحقاقات، مذكّرة في هذا السياق بأنّ “اللقاء الديمقراطي” سبق أن صوّت لمرشح المعارضة في الجلسات الـ11 السابقة، خلافًا لرأي بري، كما أنّه اختلف عنه في انتخابات نائب رئيس مجلس النواب حين دعم غسان سكاف لا الياس بو صعب، لكنّه لم يعلن يومًا “القطيعة” مع بري، أو حتى “حزب الله” كما يروّج البعض اليوم.

ووفق المنطق نفسه، ترفض أوساط “الاشتراكي” فكرة المواجهة بتبنّي ترشيح أزعور، مشيرة إلى أنّ دعمه كان الخيار الطبيعي للحزب، كونه أول من سمّاه أصلاً، لكنه لم يفعل ذلك من باب “التحدّي” لأحد، ولا سيما أنه لا يستوعب سبب اعتباره من جانب الفريق الآخر “مرشح تحدّ ومواجهة”، وهو لذلك يدعو إلى “توسيع” قاعدة التوافق على وزير المال الأسبق، بما يسمح بانتخابه رئيسًا لجميع اللبنانيين، وقادرًا على الحكم.

يقول المحسوبون على “الحزب التقدمي الاشتراكي” إنّ الموقف واضح، وهو لا ينطوي لا على انقلاب ولا على تحدّ ولا مواجهة، بل إنّ الحزب ينسجم مع قناعاته، بضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي، بعيدًا عن أيّ مماطلة أو مناورة، ولكنّه يصرّ على ضرورة الوصول إلى توافق عام وشامل، لأنّ انتخاب الرئيس لا يمكن أن يُحصَر بفريق دون آخر، وهذا هو عمليًا “جوهر” المبادرة التي كان وليد جنبلاط أول من طرحها.

لبنان24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى