اخبار محلية

مشروع قانون زيادة عامين لكافة العسكريين… ضابط “شيعي” لقيادة الجيش؟

ما استجدَ على خطّ وضعية قيادة الجيش في ما يلي رحيل قائده جوزاف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل ليس أفضل ممّا فات. ما زال وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، يُصرّ على عرقلة الجهود الرامية إلى تعيين رئيس للأركان ينوب عن “القائد” في غيابه، ويعمل في سبيل تهيئة الظروف أمام تولي صاحب الرتبة الأعلى منصب “القائد” دونما الأخذ بأي إقتراح آخر.

في المقابل، يصرّ الآخرون على عدم إتاحة المجال لـ”باسيلي” كي يتسلّل إلى رأس المؤسسة العسكرية، فيقدمون المشروع تلو المشروع، وآخر العنقود، ما تقدم به عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله، بشأن إدخال تعديلات على قانون الدفاع الوطني، تسمح برفع سن التقاعد لكافة أفراد السلك العسكري مدة عامين.

دون أن يعلم، يخوض “الوزير” في إشكالية لها علاقة بهرمية القيادة في الجيش. ما استجدَ، يرتبط بطلب ثنائي حزب الله – حركة أمل، إستعادة الشيعة رتبة اللواء. دونما تأخير، فسّرت قيادة الجيش الطلب عبر رفع اقتراح رسمي، يرمي لترقية العميد الركن منير شحادة (الأقدم من بين الضباط الشيعة) إلى رتبة لواء بهدف إعادة الإنتظام إلى المجلس العسكري.

ما لم يكن في حسبان “الوزير” أو على الأرجح اُعلم به لاحقاً، أن ترقية شحادة إلى هذه الرتبة، لا تجعل منه صاحب الرتبة الأعلى في الجيش بمقدار ما تجعله صاحب امتياز التمثل في المجلس العسكري متميزاً عن اللواء بيار صعب، بصفته ضابطاً ضمن عداد الجيش، وليس مندرجاً من ضمن عديد وزارة الدفاع وكممثل عنها أمام “المجلس”.

بهذا المعنى قد ينقلب السحر على الساحر بأن يخطف “الضابط الشيعي” اللحظة، فيخلف الضابط الماروني ويزيح “الضابط الكاثوليكي” فيصبح قائداً للجيش! ولربما، هذا هو السر الكامن في تجميد الترقية من قبل الوزير “القابض” على عدم إدراج مطالعته على الإقتراح لحينه، أو قد يكون قرار “المنع” مرتبطاً بمعضلة تمرير “لواء شيعي” دونما الأخذ في التوازن اذ لا بدّ من أن يشمل لواءً درزياً يطلبه “الجنبلاطيون”.

هل من “تخريجة” لاستمرار قادة الأجهزة؟

بعيداً من ذلك، يفضل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن يذهبوا إلى حلول على عتبة نهاية ولاية العماد عون مطلع الشتاء المقبل وليس قبل ذلك، تجنّباً لاعتراضات قوى أساسية. من بين الأفكار المتداولة، تأمين استمرارية “القائد” بقوّة القانون العام. تحضر هنا بقوة أجواء خارجية تدعم الفكرة. الولايات المتحدة مثلاً تولي اهتماماً إستثنائياً إلى شكل القيادة بعد إحالة “القائد” إلى التقاعد. فأمام واقع حلول يبدأ باللواء صعب المحسوب على “التيار” وليس انتهاءً بشحادة المحسوب على ثنائي أمل – حزب الله، لن تجد واشنطن أفضل من دعم فكرة بقاء عون على رأس المؤسسة العسكرية.

ليس من قبيل المصادفة أيضاً في هذه اللحظة الحبلى بالتطورات، أن تبدأ إقتراحات النواب بالظهور تباعاً في محاولة منهم لتأمين حلول لموضوع الشغور الذي يتهدد قيادة الجيش. وإن دقّقنا، لقلنا أن همّ الكثير منهم، ليس بالضرورة تأمين استمرارية القيادة على نحو ما معمول به حالياً، بقدر ما هو إعفاء القيادة من تجربة “ضابط محسوب بالمطلق على جبران باسيل” يجلس على رأس أهمّ مؤسسة في البلاد!

في هذا السياق المحموم أتى اقتراح القانون المعجل المكرر المقدم في العاشر من شهر آب الماضي من قبل النائب بلال عبدالله، والرامي الى تعديل المادتين 56 و 57 من مرسوم اشتراعي رقم 102 الصادر في 16 أيلول 1983 (قانون الدفاع الوطني) والمادتين 60 و 88 من القانون رقم 17 تاريخ 6 أيلول 1990 (تنظيم قوى الأمن الداخلي). فتضاف سنتين إلى ولاية كافة الضباط، ومثلهم للرتباء والأفراد، ولمدة ثلاثة أعوام من تاريخ نشره، على أن يُعاود العمل بالنص السابق بعد إنقضاء المهلة.

لمثل هذا الاقتراح –في حال أُقرّ- أن يعود بالفائدة على العماد عون كأول المستفيدين منه. فتتحول إحالته للتقاعد من 10/12/2023 إلى 10/12/2025. وبذلك تنتفي القضية الجدلية في حالة شغور القيادة العسكرية ويتنهي معها الجدل حول هوية “القائد بالإنابة”. الثاني على القائمة كمستفيد هو اللواء عماد عثمان المدير العام لقوى الأمن الداخلي المُحال إلى التقاعد في نفس الفترة تقريباً، ومثلهما آخرون في المديرية العامة للأمن العام، والمديرية العامة لأمن الدولة على مستوى نائب مديرها العام العميد حسن شقير.. ألخ.

تبقى مسألة مدى تطابق الإقتراح مع الوضع الراهن ومدى القدرة على التوافق سياسياً. فبحسب المعلومات، جاء تقديم مشروع القانون بداعي ما تسبّب فيه القانون رقم 2019/144 لجهة “عدم السماح بتطويع عناصر لصالح المؤسسات العسكرية الأمنية، يقابله تسريح عناصر من هذه المؤسسات، سواء لبلوغ السن القانونية أم نتيجة طلبات التسريح من قبل أصحاب العلاقة، ما يؤثر على هرمية المؤسسات الأمنية.

في التقدير الأولي، لا يمكن لعبدالله أن يتقدم باقتراح مشابه من دون التشاور مع رئيس حزبه النائب تيمور جنبلاط، ودون أن يتولى الأخير التشاور مع والده وليد جنبلاط، ودون أن يتناول “البيك” الفكرة مع حليفه “الرئيس بري” ودون أن ينسّق بدوره مع نجيب ميقاتي ثم مع “حزب الله”. يصبح الموضوع مرتبطاً بأكثر من طرف وبمصلحة أكثر من طرف. ذلك وعلى أهميته قد لا يعني سهولة إمرار مشروع القانون في الهيئة العامة ولو بالنصف زائداً واحداً، في ظل اعتراضٍ “واضح ومحتمل” لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لأي فكرة من شأنها إبقاء جوزاف عون في قيادة الجيش.

في وضعٍ كالذي نحن فيه حيث يخوض الحزب والتيار في نقاش حواري عميق، قد لا يستسهل الأخير العبور من فوق التيار أو عدم الأخذ في رأيه. شأنه شأن قوى المعارضة الأخرى، المراهنة على إسم العماد عون كمشروع رئيس للجمهورية وليس قائداً للجيش. يبقى السر الكامن في أسباب تولي نائب إشتراكي تقديم مشروع قانون ليس ثمة من ضابط درزي رفيع قد يستفيد منه، اللهم إلاّ إذا كان “الإشتراكيون” يعملون من وراء ذلك، على قطع الطريق على مرشّح يسميه “جبران” إلى قيادة الجيش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى