اخبار محلية

الحاكم بالانابة “يتخفّى”… حلول انقاذية يتقاعص عن تنفيذها!

بعد السياسة التي يقول حاكم مصرف لبنان بالانابة الدكتور وسيم منصوري أن يتبعها من أجل استقرار الدولار والإكتفاء بتصريف الأعمال محمّلاً مسؤولية إقرار القوانين الإصلاحية للسلطة السياسية، فإنه يتغافل عن حق منحه اياه القانون بالقيام بأبرز خطوة إصلاحية تتعلّق بهيكلة المصارف لأنه وفق قانون النقد والتسليف هو حاكم فعل وليس حاكم تصريف أعمال.

ويعتبر الخبير في المخاطر المصرفية محمد فحيلي في حديث إلى “ليبانون ديبايت” أن مصرف لبنان يؤمن احتياجات الدولة فهو يقوم بتأمين دولارات وزارتي الصحة والطاقة ورواتب القطاع العام، ولكن مقابل أموالهم بالليرة اللبنانية، لكن “المصرف يقوم بشراء الدولارات من السوق الموازي دون المس بالإحتياطي الإلزامي، وفق ما أعلنه الحاكم بالإنابة وسيم منصوري في عدة محطات”.

ويلفت إلى أن “من يراقب السوق يعلم أن أكثر جهة تطلب دولار اليوم هي مصرف لبنان، ذلك لأن التجار بأغلبهم يصرف بالدولار”.

أما عن التوقّف بطباعة العملة فيشير إلى أنه “في العام الأخير حصل الكثير من التدخلات عبر منصة صيرفة وفق التعميم 157، الذي لا يعجب نواب الحاكم، وحصل هناك نوع من التجفيف الكبير للأوراق النقدية بالليرة اللبنانية، والأوراق النقدية هذه مخزّنة لدى مصرف لبنان، فاليوم هي التي يتم إستعمالها من أجل شراء دولار”.

ويشرح أن كلمة “ما عم بيطبع عملة” بالمعنى الإقتصادي لا تعنى بالضرورة الطلب من المطبعة طباعة عملة، بل يعني تأمين أموال نقدية لتمويل المصاريف التشغيلية للدولة، ففي موازنة 2022 ، 2023 وحتى 2024 ليس هناك من إنفاق إستثماري فكل إنفاق الدولة والذي هو ضمن الموازنة هو إنفاق تشغيلي والذي هو يؤمن من قبل مصرف لبنان إما بالدولار حيث يأخذ إيرادات الدولة بالليرة اللبنانية ويشتري دولارات من السوق الموازي أو يقوم بإستعمال الأوراق النقدية والتي هي ملك الدولة وليس ملك مصرف لبنان، أي يشتري دولار بإيعاز من وزارة المالية ورئاسة مجلس الوزراء”.

وعليه، يوضح أن “بالمعنى الإقتصادي فالمصرف يتصرّف بطريقة صحيحة، حيث أنه يستمر بسياسة الإستقرار النقدي في لبنان والتي بدأت بين شهري 3 و 4 عام 2023 والتي لا زالت مستمرة لغاية اليوم، وبما أن حاكم المصرف يطلب من السلطة السياسية الإصلاحات والذهاب بإتجاه إنتخاب رئيس ومن ثم تعيين حاكم أصيل”، يستبعد كثيرا “حصول أي إنعطافة إستراتيجية بالسياسة النقدية قبل تعيين حاكم أصيل”.

ما مدى قدرة الحاكم على الصمود؟ يجيب: “إن تسليط الضوء على ممارسات السلطة السياسية لجهة الإستحقاقات الدستورية قام بها وسيم منصوري إضافة الى مكونات القطاع الخاص وحتى أغلبية المكونات السياسية وكذلك صندوق الدولي، فهذا ليس خبرا بالنسبة للإقتصاديين والمراقبين، فحتى الشروط التي وضعها عند إستلامه موقع الحاكم هي ذات شروط صندوق الدولي، لكنه يأخذ على منصوري تلطيه وراء كلمة”حاكم بالانابة” لأنه يجب أن لا ننسى بأن في قانون النقد والتسليف تنص المادة 25 على أن لدى نائب حاكم مصرف لبنان الأول لديه كامل صلاحيات الحاكم، مما يسقط فرضية سلوكه القائمة على تصريف الأعمال بدل ان يحكم، وهنا الخطأ برأيه فبإستطاعته أن يحكم أي هناك عدة أمور بإمكانه القيام بها بغض النظر إذا السلطة التشريعية شرعت أو لا.

ويعطي الأمثلة على ذلك بأن لجنة الرقابة على المصارف يعطيها قانون النقد والتسليف حق تقييم وضع أي مصرف ورفع التوصية إلى الهيئة المركزية العليا لوضع اليد عليه، فهو بإستطاعته القيام بإعادة هيكلة للقطاع المصرفي من دون العودة الى مجلس النواب، وعليه تفعيل لجنة الرقابة على المصارف مذكراً بما قامت به في أوائل التسعينات عندما خرج لبنان من الحرب الأهلية وكانت المصارف تتساقط حيث لجنة الرقابة هي التي أعادت هيكلة القطاع المصرفي ومولت الدمج والإستحواذ (مصرف بيروت الرياض والذي إشتراه مصرف بيروت)، و(مصرف بيروت للتجارة والذي إشتراه مصرف بيبلوس) وكل هذه الإجراءات تمت من دون قانون بل من إنتاج وتقديم لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان”.

لذا يؤكد أن بإمكان مصرف لبنان القيام بكثير من الأمور حيث أن لجنة الرقابة ومصرف لبنان هما من وضعا اليد على مصرف البركة وعلى سيدر بنك أوف ليبانون وذلك من دون قانون، وبإمكان مصرف لبنان القيام بمراجعة التعميم 151 من دون إنتظار مجلس النواب لاقرار موازنة العام 2024، لنعلم ماذا بالسحوبات الإستثنائية، والحاكم السابق رياض سلامة قام بذلك قبل منصوري, فالمجلس المركزي لمصرف لبنان بإستطاعته والذي يتألف من 3 نواب للحاكم والحاكم بالإنابة ومحمد أبو حيدر من وزارة الإقتصاد و ممثل من وزارة المالية بإمكانه إتخاذ أي قرار أو إجراء شبيه للإجراءات التي إتخذها رياض سلامة من عام 2020 لغاية أخر تموز 2023، لذا ليس لديه حجج.

ويذكر بالتعميم الأساسي الذي صدر بآخر أيام رياض والذي يسمح للزبائن بإعادة فتح حسابات بالدولار الفريش والليرة، ويأخذون بطاقة دفع ودفتر شيكات وتحاويل, مشدداً على ضرورة احيائه فهذا يعيد الحياة للقطاع المصرفي وتعود المؤسسات لتوطين رواتب موظفيها فكل هذه الإجراءات بإمكان منصوري القيام بها.

وإلى أين ستصل سياسة تصريف الأعمال التي يعتمدها؟ يؤكد فحيلي أنه “لن يكون هناك إنهيار فهو يهول، لكنه لا يلومه على التهويل لأنه يتوجب على السلطة السياسية إنتخاب رئيس وتشكل حكومة وتعين حاكم أصيل، ولكن الأمر الوحيد الذي يلومه عليه هو تصرفه كحاكم تصرف أعمال وهذا أكبر خطأ يقوم بإرتكابه منصوري وعلى زملاءه لفت إنتباهه، فهو في حال أصدر تعميما على المصارف أن تلتزم به وليس لديها خيارات فهو سلطة حاكمة”.

ويعتقد أنه سنبقى في ذات المنحى فهناك ضخ دولارات من خلال التحويلات ما يقارب الـ 100 مليون سنويا ولدينا الدولارت المخزنة بالخزنات الحديدية بالمنازل وفي أي لحظة يتحسن وضع الليرة اللبنانية من يخزن هذه الدولارت سيقوم بصرفها.

أما بما يتعلّق بالإحتكارات التي تقوم بها المؤسسات من خلال إحتساب الدولار بمئة ألف فإن الأمر لا يتعلّق مصرف لبنان فيها بل هي صلاحية وزارة الإقتصاد ولكن لسوء الحظ هي “مكرسحة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى