اخبار محلية

ماذا يربح وليد جنبلاط من اعادة التموضع التي يقوم بها؟

لا يدخل النقاش اليوم في الازمة السياسية الداخلية الا في باب استشراف المستقبل، اذ ان حل الخلافات بين القوى السياسية ليس ممكنا من دون وضع حل للحرب القائمة في المنطقة، ولا يمكن للمبادرات المكثفة التي تظل برأسها بين فترة واخرى ان تفتح ثغرة في جدار الازمة، وهذا ما تعرفه الغالبية العظمى من الاحزاب والشخصيات المؤثرة في الأحداث في الداخل، لذلك فقد سيطرت المراوحة على الشأن العام اللبناني منذ حصول عملية “طوفان الاقصى”.

وحده النائب السابق وليد جنبلاط يحاول احداث تحوّل نوعي في موازين القوى الداخلية والنيابية، فقد بات موقفه المدافع عن “حزب الله” وخياراته الاخيرة بفتح جبهة الجنوب دعما لفصائل المقاومة في قطاع غزة، مؤشرا حقيقيا على اعادة التموضع السياسي التي يقوم بها جنبلاط واقترابه العلني من “حزب الله” و”قوى الثامن من اذار” من دون ان يقطع علاقته الودية مع قوى المعارضة الحالية.

بحسب مصادر مطلعة فإن إعادة التموضع الجنبلاطية الحالية هي الاكثر جرأة والاكثر جدية منذ السنوات الماضية وتوحي بأن جنبلاط سيستثمر فيها لكي يصل الى اهدافه السياسية ولكي يتجنب الخسائر التي من الممكن ان يتعرض لها في ظل التحولات السريعة الحاصلة، من هنا، وقبل اعلان جنبلاط لمواقفه الاخيرة، كانت “قوى الثامن من اذار” تراهن على ان جنبلاط قد يصطف الى جانبها,ليس فقط في القضايا الإستراتيجية بل ايضا الاستحقاقات الدستورية.

ولعل اعلان جنبلاط عدم ممانعته السير بترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية للرئاسة يؤكد جدية التحول الجنبلاطي المشروط بعدم قطع العلاقات وتوتيرها مع الجانب السعودي، وهذا ما سيحول الرجل وكتلته النيابية الى حاجة فعلية ل”قوى الثامن من اذار” لانها تؤمن لهم الإقتراب من عدد النواب المطلوب لفوز لمرشحه، سليمان فرنجية، وكذلك لقوى المعارضة لان عدم دعم جنبلاط لاي مرشح تختاره، سيعني خروجه من المنافسة..

من الواضح ان جنبلاط يريد ان يحسم اصطفافه الجديد قبل بداية مرحلة التفاوض والتسويات على اعتبار ان “بيع” ورقة دعم فرنجية ل”قوى الثامن من اذار”سيؤمن للمختارة حضورا اوسع في العهد المقبل، لا بل قد يجعلها ضمن تسوية داخلية شاملة واحدى صنّاعها، وعليه فإن جنبلاط لن يكون مضطرا لركوب قطار الحل المتفق عليه دوليا في اللحظة الاخيرة من دون اي شروط يفرضها على المستفيدين من تموضعه الجديد لانه عندها سيكون هذا التموضع تحصيلا حاصلا.

في ظل وجود كتلة نيابية وازنة ل”الحزب التقدمي الاشتراكي”سيبقى جنبلاط حاجة فعلية للقوى المتنافسة في الداخل اللبناني خصوصا ان التوازن السلبي داخل المجلس النيابي يجعل من استقطاب الكتل النيابية لصالح هذا الفريق او ذاك، هدفا لا مفر منه للفوز بالكباش، دستوريا كان او سياسياً، وعليه فإن جنبلاط سيكون احد الرابحين الاساسيين في المعركة السياسية والرئاسية لانه سيكون احد صنّاع الرئيس، والمحرك الفعلي للاستحقاق الدستورية بالتعاون مع خصومه السابقين وحلفائه الحاليين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى