اقتصاد

الذهب: ملجأ آمن ورابح

“عندما تنهار جميع الاستثمارات سيصعد الذهب على ركامها”.. هذه العبارة هي اختصار لقاعدة اقتصادية مفادها أن المعدن الأصفر يعد أحد الأصول والملاذات الآمنة التي يتم التحوط بها ضد جميع المخاطر، وخاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية والصحية والحروب العسكرية.

لا تكاد تمر أزمة إلا ونجد أن الذهب حلقت أسعاره إلى قمة جديدة لا تتوقف عندها حتى تصعد إلى قمة أخرى عند أقرب أزمة قادمة، فهذا المعدن النفيس يبقى الملجأ لجميع المستثمرين لحماية أموالهم من نيران الأزمات.

ولكن ما موقع دول الخليج العربي من هذا الصعود الجنوني لأسعار الذهب وهل ستكون من بين الرابحين؟

تؤكد البيانات أن دول الخليج العربي تمتلك احتياطياً كبيراً من الذهب يقدر بـ520 طناً، حسب بيانات مجلس الذهب العالمي للعام 2022.

وتحتل السعودية صدارة الدول الخليجية باحتياطي الذهب بامتلاكها 323.07 طناً، ثم الكويت بالمرتبة الثانية بـ 78.9 طناً، وبالمركز الرابع تأتي قطر بنحو 58.2 طناً، والإمارات رابعاً بـ54.8 طناً، فيما تحل البحرين في الترتيب الخامس بحيازتها 4.6 أطنان من الذهب، وأخيراً سلطنة عمان بنحو 0.22 طن.

قفزات متتالية

وفي ظل التوتر الذي يشهده العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تشرين الأول الماضي، صعدت أسعار الذهب عدة مرات كان آخرها اليوم الجمعة.

وارتفعت أسعار الذهب خلال تعاملات اليوم الجمعة، تسليم أبريل المقبل بنسبة 0.14% إلى 2073.90 دولار للأوقية.

واستقر سعر التسليم الفوري للذهب عند 2055.93 دولار للأوقية، كما استقر سعر البلاتين الفوري عند 916.61 دولار، بينما ارتفعت عقود الفضة تسليم مارس بنسبة 0.25% إلى 23.30 دولار للأوقية.

وكانت أكبر قفزات الذهب في بدايات الغزو الروسي لأوكرانيا فصعدت حينها أسعاره بنسب تراكمية تزيد عن 10%.

وفي 2014 بعد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، ارتفعت أسعار الذهب بواقع 2.5% ليصعد إلى أعلى مستوياته في ذلك الوقت منذ سنة.

وفي نهاية العام 2019، مع بدء الحديث عن تفشي جائحة كورونا انطلاقاً من الصين صعدت أسعار الذهب من 1518 دولاراً للأوقية في 31 كانون الأول 2019، إلى 1575 دولاراً في 7 كانون الثاني 2020، ثم إلى أعلى مستوى في 7 أعوام وهو 1660 دولاراً للأونصة مع تزايد مخاطر كورونا في 24 شباط 2020.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء إبان الأزمة المالية العالمية (2008-2009)، فإن أسعار الذهب بذلك الوقت، وتحديداً في شباط 2009، قفزت بنسبة تاريخية وصلت إلى 25.7%.

وكانت أسعار المعدن النفيس قد وصلت آنذاك إلى مستوى 1087 دولاراً للأوقية، أي إنها صعدت بنحو 222 دولاراً من تشرين الأول 2008 عندما كان سعر أوقية الذهب يبلغ 865 دولاراً وحتى شباط 2009.

أصل مضمون

وفي تحليله لأسباب ارتفاع أسعار الذهب في ظل الأزمات العالمية المختلفة، قال الخبير والكاتب والاقتصادي مصطفى عبد السلام إنه “عندما تزيد المخاطر في العالم يقبل المستثمرون على الأصول المضمونة أو شبه المضمونة وأبرزها الذهب”.

وأضاف عبد السلام، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أنه “عندما تحدث قلاقل سياسية واضطرابات اجتماعية وحتى أزمات اقتصادية أو حروب أو أزمات مالية مثل تلك التي حدثت في العام 2008، فإن المستثمرين يهربون من الأصول الخطرة وتحديداً أسواق الأسهم والبورصات للأصول المضمونة”.

والذهب يعد من أبرز الأصول المضمونة إلى جانب الدولار مثلاً وغيره من العملات القوية، كما يرى الكاتب الاقتصادي.

ولكن لماذا يعد الذهب من الأصول المضمونة؟ يشرح عبد السلام ذلك مورداً عدة أسباب أولها أنه  يمكن بيعه وتحويله إلى سيولة مالية في أي لحظة ومن ثم فهو يرتفع إلى مرتبة العملات الرئيسية مثل الدولار وغيره.

ذهب
الأمر الثاني، من وجهة نظر الخبير الاقتصادي، هو أن الذهب عليه إقبال كبير ومتواصل بسبب ندرته، وثالثاً فإن زبونه مضمون بداية من البنوك المركزية التي أقبلت على شراء الذهب بشكل كبير خلال جائحة كورونا لتحصين اقتصاداتها أمام المخاطر الصحية والسياسية والاقتصادية.

ولا يقتصر زبائن الذهب على البنوك والدول؛ فحتى المواطنون العاديون يلجؤون إلى الذهب لحماية أموالهم.

ومن الأسباب التي تؤدي لزيادة الإقبال على الذهب في الأزمات أيضاً، أن أسعاره ترتفع بشكل متواصل عكس العملات أو السلع والمعادن الأخرى، بمعنى أنه حتى لو تراجعت أسعار الذهب في بعض الأوقات بسب زيادة الفائدة على الدولار مثلاً أو تحسن أسواق الأسهم، فإن الارتفاع التالي للذهب سيكون أكبر، حسب الكاتب عبد السلام.

ورأى أن من يستثمر أمواله في الذهب هو الطرف الرابح ولو خسر فإن خسارته لن تكون كبيرة ويمكن تعويضها بسهولة.

الحرب ترفع الأسعار

وعلى الصعيد ذاته، قال الأكاديمي والكاتب الاقتصادي حسين البناء، إنه “يتبع بالعادة كل أزمة سياسية أو اقتصادية عالمية لجوء واسع لشراء الذهب كملجأ آمن للقيمة في ظل توقعات بانخفاض سعر صرف العملة المحلية للدول المنخرطة في الأزمات”.

ويشير البناء، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن الإقبال على الذهب يؤدي إلى رفع أسعاره لمستويات قياسية كاستجابة لآليات السوق الحرة الخاضعة للعرض والطلب.

الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى