اخبار محلية

التخبطات السياسية الفرنسية: ما تأثيرها على الملفات الداخلية اللبنانية؟

في فرنسا فئات ثلاث ولكلٍّ منها مخطّط وتصوّر للحل اللبناني، و”التناتش” الذي يحصل ضمن أروقة السياسة المحلية الفرنسية والاختلاف في وجهات النظر يخلق نوعاً من العراقيل ويعيق التقدم في سبل الحل في الملف اللبناني.

كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:

ما زالت فرنسا على الرغم من التخبّطات السياسية الداخلية والخارجية التي تعيشها، تعمل جاهدة لتلعب دور “الأخت الكبرى” لحلّ الملفات السياسية المحلية اللبنانية، ولكن وضعها الحالي قد كانت له انعكاساته على الملف اللبناني. ولا يخفى على الرأي العام اللبناني والإقليمي والدولي أن الاستحقاقات اللبنانية وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي، من أكثر الملفات التي تتدخّل بها الدول الخارجية وخصوصاً فرنسا والمملكة العربية السعودية، فهذا الاستحقاق يهمّ الدول الخارجية وسياسييها أكثر من سياسيي لبنان.
فهل التخبطات السياسية الخارجية والداخلية الفرنسية ستؤثر على تدخل فرنسا في الملفات الداخلية اللبنانية؟

في هذا الإطار، أكّد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محيي الدين الشحيمي في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أنّ هناك خلافات سياسية محلية فرنسية كبيرة، إنّما ليست خطيرة. إذ بات من الواضح أن النظام السياسي الفرنسي ليس مستقراً في الحكم، مشيراً الى أن هناك خلافات كبيرة على قوانين معيّنة، على التشريعات، وعلى السياسة الحكومية والسياسة الخارجية، مؤكداً أن السياسة الخارجية هي التي تهمّ لبنان، بحيث أن المجتمع الدولي هو من يحاول أن ينقذ لبنان من أزمته. وبالتالي فإنّ المجتمع الدولي يعتمد في كل مخططاته والاتفاقيات والحوارات على سياسته الخارجية. وكشف الشحيمي أن السياسة الخارجية الفرنسية حالياً متناقضة نوعاً ما، شارحاً أن القرار السياسي أي قرار الإليزيه في خصوص الملف اللبناني هو تحت سقف البيان الثلاثي، ويتماشى مع اللقاءات الخماسية التي نراها مؤخراً، والتي يمكن أن يزيد عدد الدول المشاركة فيها، وتصبح لقاءات سداسية أو أكثر، كما ومن الممكن مشاركة بعض الدول العربية.
ورأى الشحيمي أن “التناتش” الذي يحصل ضمن أروقة السياسة المحلية الفرنسية والتباين في وجهات النظر يخلق نوعاً من العراقيل، ممّا يبطّئ سبل الحلّ في لبنان. فوفق الشحيمي في فرنسا ثلاث فئات أساسية هي الأقوى على الساحة الفرنسية، وهي التي تمسك بالحكم الفرنسي حالياً، وهي:

أولاً، مجموعة تهمّها التسوية اللبنانية بأيّة طريقة كانت، وإقفال ملف لبنان بسرعة.
ثانياً، الفئة التي تنخرط في التوصّل إلى اتفاق من خلال اعتمادها على التسويات، ولو بتنازلات من مختلف أطرافها. وتتركّز أولويتها على المصالح الفرنسية والاستثمارات والاحتيالات، وتعمل ظاهرياً لصالح استقرار لبنان، فيما تهدف في الواقع إلى زيادة نقاطها وأرباحها ومواطن قوّتها ووجودها.
أمّا الفئة الثالثة، هي المجموعة الثابتة في سياستها والمقتنعة فقط بالمؤسسات وتتمسّك بالحلّ اللبناني من منطلق دستور الطائف والقوانين والمواثيق، وأن يكون لبنان بلد الرسالة ويعود إلى تاريخه.
وشدد الشحيمي أنّ هذه الفئات الثلاثة لديها أكثر من مخطط وتصوّر للحل اللبناني، ممّا يعيق التقدم في سبل الحل في الملف اللبناني. وأوضح أنّ الحل اللبناني متّفق عليه أساساً ضمن البيان الثلاثي، وضمن النقاط الأساسية المطلوبة من لبنان والتي عليه أن يلتزم بها مثل الإصلاحات، بالإضافة إلى أن يكون لبنان جزءاً من الاستقرار المحلي وألّا يكون “شوكة في خاصرة العرب”، وأن يكون جزءاً من الاستقرار الدولي ويعود إلى طبيعته التاريخية دولياً وعربياً.
ويشير الشحيمي لـ “هنا لبنان” أن التخبّط الفرنسي محلياً يؤثر على حالة ضياع بالسياسة الخارجية، كما أن حالة الضياع بالسياسة الخارجية تضع لبنان في حالة من التشتت بتصوّرات للحل اللبناني، رغم أن القرار الرسمي وصف اللقاء وكل حوارات ولقاءات أخرى بأنّها غير جدية ومضيعة للوقت ريثما يتمّ الوصول إلى التسوية النهائية المتفق عليها في الملف اللبناني، كما شدد على أنّ الحلحلة في الوصول إلى حلّ للبنان بحاجة إلى تقارب لبناني-لبناني.

في الواقع الحالي، لم يعد لفرنسا دور بارز في حلحلة الوضع السياسي المحلي اللبناني، فهي تارةً تدعم مرشّحاً للرئاسة وطوراً تسمي آخر، والاستحقاق الرئاسي عالق ما بين الآراء والخلافات والأسماء والأحزاب المختلفة، إذ أن الحلّ لا يزال رمادياً والتوافق بين الأفرقاء اللبنانيين ما زال بعيداً في المدى المنظور… لعلّ الأسابيع المقبلة، واللقاءات الإقليمية الدولية والزيارات المحلية تجدي نفعاً للخروج من الأزمات، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى